للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على المعنى الذى عناه سيبويه، استبعاد غير واقع موقعه، لأنّ الشعر القديم قد ورد بما أنكره أبو العباس، وذلك قول أبى محجن الثّقفىّ:

إذا متّ فادفنّى إلى أصل كرمة ... تروّى عظامى بعد موتى عروقها (١)

ولا تدفننّى بالفلاة فإنّنى ... أخاف إذا ما متّ أن لا أذوقها

وقد جاءت الثقيلة بعد الخوف فى الشّعر وفى القرآن، ومجىء الثقيلة أشدّ، فالشّعر قوله (٢):

وما خفت يا سلاّم أنّك قاطعى

والقرآن قوله تعالى: {وَلا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللهِ} (٣)، وكذلك استبعاده لإجازة سيبويه: ما أعلم إلا أن تقوم، استبعاد فى غير حقّه، لأنّ سيبويه قد أوضح المعنى الذى أراده به فى قوله: «وتقول: ما علمت إلا أن تقوم، إذا أردت (٤) أنك لم تعلم شيئا كائنا ألبتّة، ولكنك تكلّمت به على وجه الإشارة، كما تقول: أرى من الرأى أن تقوم، فأنت لا تخبر أنّ قياما قد ثبت كائنا أو يكون فيما يستقبل» والذى


(١) معانى القرآن ١/ ١٤٦،٢٦٥، وتفسير الطبرى ٤/ ٥٥١، والصاهل والشاحج ص ٣٣٨، والمغنى ص ٢٨، وشرح أبياته ١/ ١٣٨، والخزانة ٨/ ٣٩٨، وحواشيها. وذكر البغدادىّ ص ٤٠٢ أن رواية ابن السكيت: ولا تدفننّى فى الفلاة فإننى يقينا إذا ما متّ لست أذوقها
(٢) هو أبو الغول الطّهوىّ، على ما فى نوادر أبى زيد ص ٤٦، والبيت فيه برواية: أتانى كلام عن نصيب بقوله وما خفت يا سلاّم أنك عائبى وكذلك جاء فى تفسير الطبرى ٤/ ٥٥٠، ومعانى القرآن، الموضعين السابقين. وأعاده ابن الشجرى بروايته هنا فى المجلس التاسع والسبعين.
(٣) سورة الأنعام ٨١.
(٤) فى الكتاب: «إذا لم ترد أنك قد علمت شيئا. . .» والعبارتان سواء، على تقديم النفى وتأخيره.