للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن أخرج التعجّب من الخبر، وجعله معنى منفردا على حياله، قال: إنّ فى لفظه من معنى المبالغة ما ليس فى الخبر المحض. والصحيح أنه داخل فى حيّز الخبر، لأنك إذا قلت: ما أحسن زيدا، فكأنك قلت: زيد حسن جدّا، وتمثيله عند الخليل وسيبويه: شيء (١) أحسن زيدا، وعند الأخفش: الذى أحسن زيدا شيء وعند آخرين: شيء أحسن زيدا كائن.

واختلفوا فى العرض، فقال قوم: هو من الخبر، لأنه إذا عرض عليك النزول فقال: ألا تنزل، فقد أخبر بأنه يحبّ نزولك عنده، وأدخله قوم فى الاستفهام؛ لأن لفظه كلفظه، ولو كان استفهاما لم يكن المخاطب به مكرما لمن خاطبه، ولا موجبا عليه بذلك شكرا.

وزعم قوم أن التحضيض معنى منفرد، وقال آخرون: إنه إذا قال: هلاّ فعلت كذا، /فقد أمر المحضوض بذلك الفعل.

وقال بعضهم: التمنّى داخل فى الخبر، وكذلك التّرجّى، لأنه إذا قال: ليت لى مالا، فقد أخبر أنه تمنّى ذلك، ولو كان الأمر على ما قال لما امتنع فيه التصديق والتكذيب.

وذهب بعضهم إلى أن الجزاء قسم منفرد، وليس الأمر كذلك، لأن قول الله سبحانه: {فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً} (٢) يدخله التصديق.

وإذا عرفت هذا، فالخبر أوسع المعانى، وهو أن يخبر المتكلّم غيره بما يفيده معرفته، وحدّه دخول التصديق والتكذيب فيه، وهو على ضربين: موجب وغير موجب، فالموجب: ما عرى من أدوات النفى، وهى «لا-ولن-وما-ولم-ولمّا»


(١) فى الكتاب ١/ ٧٢.
(٢) سورة الجن ١٣.