للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فدليل الحال كقولك لمن تراه يعطى: هلاّ زيدا، تريد: هلاّ تعطى زيدا، ولمن تراه يضرب: لولا خالدا، تريد: لولا تضرب خالدا، ودليل اللفظ كقول الشاعر:

تعدّون عقر النّيب أفضل مجدكم ... بنى ضوطرى لولا الكمىّ المقنّعا (١)

أراد: لولا عددتم أو تعدّون الكمىّ، وإن شئت قدّرت: لولا عقرتم أو تعقرون، بدلالة العقر عليه.

وقد جاء التوبيخ بلفظ التحضيض فى قوله: {لَوْلا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ} (٢).

وأما التمنّى فزعم قوم أنه داخل فى الخبر، لأنه إذا قال: ليت لى مالا، فقد أخبر بأنه تمنّى ذلك، فكأنه قال: وددت أنّ لى مالا، وليس الأمر عندى على ما قالوا، لأن التمنّى مما أجابته العرب بالفاء، كما أجابوا الأمر والنهى والاستفهام، كما


(١) أنشده ابن الشجرى من غير نسبة فى المجلس المتمّ الأربعين، ونسبه فى المجلس السادس والستين إلى الأشهب بن رميلة. وممّن نسبه هذا النسبة أبو جعفر الطبرى فى تفسيره ٢/ ٥٥٢، وقال البغدادىّ فى الخزانة ٣/ ٥٩: «نسبه ابن الشجرىّ فى أماليه للأشهب بن رميلة، وكذا غيره، والصحيح أنه من قصيدة لجرير، لا خلاف بين الرواة أنها له». وقد سبق أبا جعفر الطبرىّ وابن الشجرى فى نسبة البيت للأشهب: أبو عبيدة فى مجاز القرآن ١/ ٥٢،٣٤٦، وأنشده من غير نسبة فى ص ١٩١، مع أنه أورده فى قصيدة لجرير فى النقائض ص ٨٣٣، وهو فى ديوانه ص ٩٠٧، عن النقائض. وانظر الكامل ١/ ٢٧٨، والإيضاح ص ٢٩، والخصائص ٢/ ٤٥، والجمل المنسوب للخليل ص ١٠٢، وقد زدته تخريجا فى كتاب الشعر ص ٥٧. وقال السيوطى فى شرح شواهد المغنى ص ٢٢٩،٢٣٠: «ورأيت فى تفسير ابن المنذر نسبة هذا البيت إلى الأشهب بن رميلة». انتهى. وهذا ابن المنذر: هو أبو بكر محمد بن إبراهيم النيسابورى المتوفى سنة ٣١٩، على اختلاف. راجع طبقات الشافعية الكبرى ٣/ ١٠٢، ولسان الميزان ٥/ ٢٧. ويبقى أن أشير إلى أن الأشهب بن رميلة كان يهاجى الفرزدق، وله فيه قصيدة من بحر البيت الشاهد وقافيته، فهذا سبب التخليط فى النسبة. راجع طبقات فحول الشعراء ص ٥٨٥،٥٨٦. وانظر شعره ضمن (شعراء أمويون) ٢/ ٢٣٦،٢٣٧. وتعدّون هنا بمعنى تعتقدون، ولا يجوز أن يكون من العدّ بمعنى الحساب، حكاه البغدادى فى الخزانة ٣/ ٥٧. والعقر: مصدر عقر الناقة بالسيف: إذا ضرب قوائمها به. والنّيب، بكسر النون: جمع ناب، وهى الناقة المسنّة. وضوطرى: هو الرجل الضخم اللئيم الذى لا غناء عنده. ويقال فى الذم والسّبّ: أبو ضوطرى وبنو ضوطرى. والكمىّ: الشجاع المتكمّى فى سلاحه، أى المستتر بالدرع والبيضة.
(٢) سورة النور ١٣.