للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«أن» ليوافق المعطوف المعطوف عليه، فى الاسمية.

والتحضيض كالتمنّى، فى إجابته بالفاء، فى قوله: {لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ} «وأكون» {مِنَ الصّالِحِينَ} (١) كما أجيب بها التمنّى فى قوله: {فَأَفُوزَ} - و- {فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} وقوله: «وأكون» ممّا انفرد به أبو عمرو (٢)، فأمّا من قرأ: {وَأَكُنْ} فإنه جزمه بالعطف على موضع فأصّدّق، ألا ترى أن الفاء إذا حذفت من هذا النحو، انجزم الفعل، كقولك: زرنى أكرمك، وكما قال تعالى:

{ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا} (٣) -و- {أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً} «نرتع ونلعب» (٤) ومثله فى الجزم بالعطف على الموضع، قراءة حمزة والكسائىّ: {مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ} (٥) جزما {يَذَرُهُمْ} لأنهما عطفاه على موضع {فَلا هادِيَ لَهُ} ومثله قول الشاعر (٦):

فأبلونى بليّتكم لعلّى ... أصالحكم وأستدرج نويّا

جزم «أستدرج» بالعطف على موضع «لعلّى أصالحكم» ألا ترى أنه لو حذف لعلّى انجزم «أصالحكم» جوابا للأمر.


(١) الآية العاشرة من سورة المنافقون.
(٢) السبعة ص ٦٣٧، وتأويل مشكل القرآن ص ٥٦، والكشف ٢/ ٣٢٢، والبيان ٢/ ٤٤١، والمغنى ص ٤٧٢، وقد أفرد أبو علىّ الفارسىّ لهذه القراءة مسألة فى كتابه العضديات ص ١١٩، وابن الشجرى يلخّص كلامه.
(٣) الآية الثالثة من سورة الحجر.
(٤) سورة يوسف ١٢، و «نرتع ونلعب» بالنون فى الفعلين هكذا جاءت فى الأصل، وهى قراءة أبى عمرو، وابن عامر. وجاء فى هـ‍ يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ بالياء التحتية فى الفعلين، وهى قراءة عاصم وحمزة والكسائىّ. السبعة ص ٣٤٦، والكشف ٢/ ٥،٦.
(٥) سورة الأعراف ١٨٦. وانظر السبعة ص ٢٩٩، والكشف ١/ ٤٨٥.
(٦) أبو دؤاد الإيادى. ديوانه ص ٣٥٠، وتخريجه فيه، وزد عليه: معانى القرآن ١/ ٨٨، والعضديات ص ١٢٠، والعسكريات ص ١٦١، وشرح أبيات المغنى ٦/ ٢٩٢، وما فى حواشى تلك الكتب. وقوله: «أبلونى بليتكم» أى اصنعوا بى صنعا جميلا. وأستدرج: أرجع أدراجى من حيث كنت. و «نويا» أى نيّتى، وسيتكلم المصنف على اشتقاقها. يقول: أحسنوا إلىّ، فإن أحسنتم فلعلى أصالحكم وأرجع حيث كنت جارا لكم.