للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويميل ابن الشجرى فى ذكر الأوجه الإعرابية إلى السهولة وطرح التكلف.

وهذه شواهد ومثل، استخرجتها من «الأمالى» تكشف عن موقف ابن الشجرى من الظاهرة الإعرابية، وتبين عن اتجاهاته التى أشرت إليها، ولا سبيل إلى ذكر كل ما فى «الأمالى» من إعراب، فإن هذا محوج إلى صفحات كثيرة، للذى ذكرته من أن ابن الشجرى لم يكد يخلى مجلسا من مجالسه من وجوه الإعراب:

١ - حكى ابن الشجرى (١) ما جرى بين الأصمعى والكسائى من خلاف حول إعراب «رئمان» من قول الشاعر:

أنّى جزوا عامرا سوءا بفعلهم ... أم كيف يجزوننى السّوءى من الحسن

أم كيف ينفع ما تعطى العلوق به ... رئمان أنف إذا ما ضنّ باللبن

وذكر أن الأصمعى يرويه «رئمان» بالنصب، والكسائى يجيز فيه الرفع والنصب والخفض، وعقّب ابن الشجرى فقال: «وانتصاب «الرئمان» هو الوجه الذى يصح به المعنى والإعراب، وإنكار الأصمعى لرفعه إنكار فى موضعه، لأن رئمان العلوق للبوّ بأنفها هو عطيتها، ليس لها عطية غيره، فإذا أنت رفعته لم يبق لها عطية فى البيت لفظا ولا تقديرا، ورفعه على البدل من «ما» لأنها فاعل «ينفع» وهو بدل الاشتمال، ويحتاج إلى تقدير ضمير يعود منه على المبدل منه، كأنك قلت: رئمان أنفها إياه، وتقدير مثل هذا الضمير قد ورد فى كلام العرب، ولكن فى رفعه ما ذكرت لك من إخلاء «تعطى» من مفعول فى اللفظ والتقدير، وجرّ «الرئمان» على البدل أقرب إلى الصحيح قليلا، وإعطاء الكلام حقه من المعنى والإعراب إنما هو بنصب «الرئمان». ولنحاة الكوفيين فى أكثر كلامهم تهاويل فارغة من حقيقة».

وقد حكى النحاة المتأخرون: ابن هشام والدمامينى والبغدادى، كلام ابن الشجرى هذا، وتعقّبه الدمامينى بما ذكرته فى حواشى التحقيق.


(١) المجلس السادس.

<<  <  ج: ص:  >  >>