للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - ذكر ابن الشجرى (١) فى إعراب قوله تعالى: {قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً} قال: فأما قوله: {أَلاّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً} فيحتمل العامل فيه وجوها: أحدها فى قول بعض معربى القرآن أن يكون فى موضع نصب، بدلا من (ما)، والثانى: أجازه هذا المعرب، أن يكون فى موضع رفع، على تقدير مبتدأ محذوف، أى هو ألا تشركوا به شيئا، ولا يصح عندى هذان التقديران، إلا أن يحكم بزيادة (لا)، لأن الذى حرمه الله عليهم هو أن يشركوا به، فإن حكمت بأن (لا) للنفى، صار المحرم ترك الإشراك، فإذا قدرت بها الطرح، كما لحقت مزيدة فى نحو: {فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ} و {ما مَنَعَكَ أَلاّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} استقام القولان.

ثم قال: ويحتمل عندى قوله: {أَلاّ تُشْرِكُوا بِهِ} وجهين آخرين: أحدهما:

أن تكون (أن) مفسّرة بمعنى «أى» كالتى فى قوله تعالى: {وَاِنْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ اِمْشُوا} معناه: أى امشوا، وتكون (لا) نهيا، و «أن» المفسرة تؤدى معنى القول، فكأنه قيل: أقول: لا تشركوا به شيئا.

والوجه الثانى: أن تجعل (عليكم) منفصلة مما قبلها، فتكون إغراء، بمعنى الزموا، كأنه اجتزئ بقوله: {قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ} ثم قيل على وجه الاستئناف: {عَلَيْكُمْ أَلاّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً}.

٣ - أعرب ابن الشجرى (٢) «ما» مصدرية، من قول الشاعر:

ألف الصّفون فما يزال كأنه ... مما يقوم على الثلاث كسيرا

قال: «ما» مصدرية، فالمعنى: من قيامه، و «من» متعلقة بالخبر المحذوف، ثم قال: فتحقيق اللفظ والمعنى: ألف القيام على ثلاث فما يزال كسيرا، أى ثانيا إحدى قوائمه، حتى كأنه مخلوق من القيام على الثلاث.


(١) المجلس الثامن.
(٢) المجلس الحادى عشر.

<<  <  ج: ص:  >  >>