للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أدحرج، فحذفوا الهمزة، فأصاروه إلى أكرم (١)، واعتمدوا حذفها مع بقيّة حروف المضارعة، فقالوا: نكرم وتكرم ويكرم، مع عدم الثّقل الذى كرهوه فى اجتماع الهمزتين.

وتقول فى الوصف باسم الفاعل: مرّ زيد بامرأة مكرم لها هو، ومرّت هند برجل مكرمة له هى، فإن استعملت فى موضعه الفعل قلت: مرّ زيد بامرأة يكرمها، ومرّت هند برجل تكرمه، فلم تحتج إلى إبراز الضمير من الفعل، وتقول فى التثنية: مرّ/الزيدان بامرأتين مكرمين لهما هما، وفى الجمع: مرّ الزيدون بنساء مكرمين لهنّ هم، ومرّت الهندات برجال مكرمات لهم هنّ.

وإذا عرفت هذا، فاعلم أن قول النحويين: أبرزت الضمير، يريدون أخليت اسم الفاعل من المضمر المستكنّ فيه، وأسندته إلى هذا الضمير الملفوظ به، فنزّلته منزلة الفاعل الظاهر، فليست هذه الضمائر كالضمائر المؤكّدة للضمائر المستكنّة، كقولك: زيد منطلق هو، وهند جالسة هى، والهندان جالستان هما، والقوم جالسون هم، والهندات جالسات هنّ، وكذلك حكم الفعل الذى يبرز فاعله، إذا قلت: زيد جعفر يكرمه هو، فجعلت يكرمه لزيد، وذلك لأنك أخبرت به عن غير من هو له، فهو الآن خال من ضمير مستكنّ، واسم المفعول حكمه فى هذا الإضمار حكم اسم الفاعل، تقول: هند زيد محمولة إليه هى، وزيد هند محمول إليها هو.

قال أبو إسحاق الزّجّاج، فى قول الله عز وجل: {إِلاّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ} (٢): غير منصوبة على الحال، المعنى إلا أن يؤذن لكم غير


(١) هذا من الصحاح (كرم) وانظر المقتضب ٢/ ٩٦، وهو باب معروف من الصرف. انظر: كلامهم على الشاهد: فإنه أهل لأن يؤكرما معجم الشواهد ص ٥٣١.
(٢) سورة الأحزاب ٥٣. وكلام الزجاج فى كتابه معانى القرآن وإعرابه ٤/ ٢٣٤.