للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله تعالى: {لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ} (١) التقدير: ولا خلّة فيه ولا شفاعة فيه، فحذف خبر الثانية والثالثة، لدلالة الخبر الأوّل [عليهما (٢)] وكذلك خبر لا المشبّهة بليس، فى قوله:

من صدّ عن نيرانها ... فأنا ابن قيس لا براح (٣)

وقد تقدم ذكر ذلك.

فأما حذف المفعول فكثير فى باب إعمال الفعلين، كقولك: أكرمت وأكرمنى زيد، أردت: أكرمت زيدا وأكرمنى زيد، فحذفت مفعول الأول لدلالة فاعل الثانى عليه، وقريب من هذا حذف مفعول الثانى لدلالة مفعول الأول عليه، فى قوله تعالى: {وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحافِظاتِ وَالذّاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً وَالذّاكِراتِ} (٤) التقدير: والحافظات فروجهنّ، والذاكرات الله كثيرا.

وممّا حذف لدلالة ما قبله عليه، المنصوب فى قوله تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ} (٥) أراد: والسموات غير السموات.

وحذف المفعول يكثر للعلم به، وذلك لاقتضاء الفعل له كقوله:

{ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى} (٦) أراد: وما قلاك (٧)، وكذلك: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى} أى فآواك، {وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدى} أى فهداك، {وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى} أى فأغناك.


(١) سورة البقرة ٢٥٤. وقراءة النصب هذه لابن كثير وأبى عمرو. السبعة ص ١٨٧.
(٢) ساقط من هـ‍.
(٣) فرغت منه فى المجلس الحادى والثلاثين.
(٤) سورة الأحزاب ٣٥.
(٥) سورة ابراهيم ٤٨.
(٦) الآية الثالثة من سورة والضحى وما بعدها.
(٧) سبق فى المجلس الثامن عشر، أنه من باب الالتفات من الخطاب إلى الغيبة، وذكرت هناك استدراك الزركشىّ على ابن الشجرى، وتصحيحه أنه من باب حذف المفعول، كما ذكر ابن الشجرىّ هنا.