للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يا غلامى، بفتحها، قياسا لها على كاف الخطاب، ومن قال: يا غلامى، بإسكانها، فلأن السكون أخفّ من الحركة الخفيفة، ومن حذفها واجتزأ بالكسرة، جاء بتخفيف/ثان، كما أنّ من قال: يا غلاما، فأبدل من الكسرة فتحة، ومن الياء ألفا، جاء بتخفيف أكثر من الأول والثانى، فرارا من ثقل الكسرة والياء، إلى خفّة الفتحة والألف، وقد قرئ فى سورة الزّخرف بالأوجه الثلاثة، فتحها وإسكانها وحذفها، من قوله: {يا عِبادِ لا خَوْفٌ} (١).

وأمّا حذف المضاف إليه فى الغايات فمثاله: جئت قبل، وجئت يا فلان بعد، أصله: جئت قبلك، وجئت بعدى، فحذفت المضاف إليه، فاستحقّ الظرف البناء، لأن المحذوف كجزء منه، لأنه يقتضيه، فتنزّل بعد حذفه منزلة بعض كلمة، فأشبه الحرف الذى جاء لمعنى، وبنوه على حركة، لأنهم لما نقلوه من الإعراب إلى البناء، لم يكونوا ليبنوه على أضعف وجوه البناء، فيسوّوا بينه وبين ما بنى فى أصل وضعه، كمن وكم.

ومن قال إن الحركة فى قبل وبعد لالتقاء الساكنين، عورض بما ليس فيه التقاء ساكنين من الغايات، كقولهم: جئت من عل، وابدأ بهذا أوّل، كما قال (٢):

لعمرك ما أدرى وإنّى لأوجل ... على أيّنا تعدو المنيّة أوّل

وإنما بنوا هذا الضرب على الضمّة دون الفتحة والكسرة، لأنه إنما يعرب


(١) سورة الزخرف ٦٨، وتخريج الأوجه الثلاثة فى السبعة ص ٥٨٨، والنشر ٢/ ٣٧٠، والإتحاف ٢/ ٤٥٨.
(٢) معن بن أوس. ويأتى هذا البيت أيضا شاهدا على أن «أفعل» التفضيل قد يأتى على غير بابه، فيراد به مجرد الوصف، لا المفاضلة. فقوله «لأوجل» معناه: لوجل. وراجع معانى القرآن ٢/ ٣٢٠، والكامل ص ٨٧٦، والمقتضب ٣/ ٢٤٦، والمنصف ٣/ ٣٥، وشرح الحماسة ص ١١٢٦، وشرح المفصل ٤/ ٨٧،٦/ ٩٨، وشذور الذهب ص ١٠٣، وأوضح المسالك ٣/ ١٦١، وشرح الشواهد الكبرى ٣/ ٤٣٩، وشرح الأشمونى ٢/ ٢٦٨، والخزانة ٦/ ٥٠٥،٨/ ٢٤٤،٢٤٥،٢٨٩. وأعاده ابن الشجرى فى المجلس المتم السبعين.