للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسبيل النفى سبيل الاستفهام، تقول: ما زيدا ضربته، وما زيدا مررت به، وما زيدا ضربت أخاه، تقدّر هاهنا من الأفعال ما قدّرته هناك، قال الشاعر (١):

فلا ذا جلال هبنه لجلاله ... ولا ذا ضياع هنّ يتركن للفقر

أراد: فلا هبن ذا جلال، ونصب ذا ضياع، بيتركن، لأنه لم يشغل بالعمل فى غيره، وهذا كقولك: زيدا جعفر يضرب.

وأمّا حذف الفعل فى العطف على شريطة التفسير، فيقتضى أن تكون الجملة /المبدوء (٢) بها فعليّة، كقولك: خرج زيد وعمرا كلّمته، ومررت بجعفر وخالدا أهنته، وضربت بكرا ومحمدا أكرمته، ولا تبالى كان الفعل الأول متعدّيا أو غير متعدّ.

وإنما قوى إضمار الفعل إذا بدئ بجملة الفعل، طلبا للتشاكل بين الجملتين، فأضمرت فعلا، لتكون قد عطفت جملة على جملة تشاكلها، فشاكلت بين الكلامين، ولو رفعت فقلت: أكرمت زيدا وخالد أهنته، خالفت بين الجملتين.

فإن كانت الجملة المبدوء بها اسميّة، قوى الرفع، لمشاكلة الثانية للأولى، كقولك: زيد منطلق وخالد ضربته، ومثله فى التنزيل: {وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ.}

{وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ} (٣) ولو نصب {الشُّعَراءُ} بتقدير: ويتّبع الغاوون الشّعراء،


(١) هدبة بن خشرم. الكتاب ١/ ١٤٥، والتبصرة ص ٣٣٢، والسّمط ص ٦٣٩، وشرح المفصل ٢/ ٣٧. وفى ترجمة هدبة من الأغانى ٢١/ ٢٦٤، والخزانة ٩/ ٣٣٧: فلا تتقى ذا هيبة لجلاله ولا ذا ضياع هنّ يتركن للفقر وعلى هذه الرواية لا شاهد. والبيت مع بيتين فى اللسان (قدر).
(٢) فى هـ‍: المبتدأ.
(٣) سورة الشعراء ٢٢٣،٢٢٤.