للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحذف فى قولهم: يا غلام، بالضم، ومن حيث لم يجمعوا بين التنوين فى اسم الفاعل، وبين الضمير المتّصل، فيعدّوا اسم الفاعل إليه، فيقولوا: مكرمنك وضاربنك، كما قالوا فى الظاهر: مكرم زيدا، وضارب عمرا، ولكنهم ألزموه الإضافة، فقالوا: مكرمك وضاربك، كرهوا الجمع بينه وبين التنوين، كما كرهوا الجمع بين خطابين وبين تأنيثين وبين تعريفين، ولذلك امتنع الجرّ فى قوله تعالى:

{إِنّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ} (١) فلم يجز فيه إلا النصب، بإضمار فعل دلّ عليه اسم الفاعل، تقديره: وننجّى أهلك، وقد أشبعت القول فى هذه المسألة فيما تقدّم (٢).

وقول أبى علىّ: أشبه التنوين لأنه صيغ على حرف واحد، يتوجّه عليه اعتراض، لأنه قد صيغ على أكثر من حرف، كقولهم: بكما وبكم وبكنّ، وكرهوا مع ذلك الجمع بينه وبين التنوين، والقول فى ذلك أنهم كرهوا الجمع بين التنوين وضمير الواحد، ثم حملوا الفرع الذى هو التثنية والجمع، على الأصل الذى هو الواحد.

ومما حذف منه الفعل، وقامت الحال مقامه، قولهم: هنيئا لك قدومك، قال أبو الفتح فى قول أبى الطيّب:

هنيئا لك العيد الذى أنت عيده ... وعيد لمن سمّى وضحّى وعيّدا (٣)

العيد مرفوع بفعله، وتقديره: ثبت هنيئا لك العيد، فحذف الفعل وقامت الحال مقامه، فرفعت الحال العيد، كما كان الفعل يرفعه.

وقال أبو العلاء المعرّى: هنيئا ينتصب عند قوم على قولهم: ثبت لك هنيئا، وقيل: هو اسم فاعل، وضع موضع/المصدر، كأنه قال: هنأك هناء،


(١) سورة العنكبوت ٣٣.
(٢) راجع المجلس المتمّ الثلاثين.
(٣) تقدّم فى المجلس الخامس والعشرين.