للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الهاء والميم، فى {مِنْهُمْ} من قوله تعالى: {لكِنِ الرّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ} فالتقدير على هذا القول: منهم ومن المقيمين الصلوة، وزعم آخر أنه معطوف على الكاف من {إِلَيْكَ} فالتقدير: يؤمنون بما أنزل إليك وإلى المقيمين الصلوة، وقال آخر: هو معطوف على الكاف من {قَبْلِكَ} فالتقدير: وما أنزل من قبلك وقبل المقيمين الصلوة.

وقال الكسائىّ: هو مخفوض (١) بالعطف على {ما} من قوله: {بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ} فالمعنى على هذا القول: يؤمنون بالذى أنزل إليك وبالمقيمين الصلوة، وهذا قول بعيد من جهة المعنى، والأقوال الثلاثة فاسدة من جهة الإعراب، وذلك أن الاسم الظاهر لا يسوغ عطفه على الضمير المجرور إلا بإعادة الجارّ (٢)، لأمرين:

أحدهما: أنهم لا يعطفون المجرور إلاّ بإعادة الجارّ، كقولك: مررت بزيد وبك، ولا تقول: بزيد وك، فوجب أن ينزّل عطف الظاهر عليه منزلة عطفه على الظاهر، فيقال: بك وبزيد، كما قيل: بزيد وبك، ولا يقال: بك وزيد، كما لا يقال: بزيد وك، وهذا قول أبى عثمان المازنىّ.

والقول الآخر، وهو قول أبى علىّ: أن الضمير المجرور نحو الكاف فى بك، وفى غلامك، والياء فى بى/وفى غلامى، أشبه التنوين، من حيث صيغ على حرف واحد، كما أن التنوين كذلك، ومن حيث حذفوا ياء المتكلّم فى النداء، فقالوا: يا غلام، و {يا عِبادِ فَاتَّقُونِ} (٣) فكان حذفها أكثر من إثباتها، وألزموها الحذف فى نحو: {قالَتْ رَبِّ أَنّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ} (٤) بإجماع القرّاء، كما ألزموا التنوين


(١) فى هـ‍: مخصوص.
(٢) هذا من أصول البصريين المعروفة. راجع مجالس العلماء ص ٣٢٠، والإنصاف ص ٤٦٣، والبحر ٣/ ١٥٧، والهمع ٢/ ١٣٩، وحواشى الإنصاف، وكتب التفسير، وإعراب القرآن والقراءات عند تفسير الآية الأولى من سورة النساء.
(٣) سورة الزمر ١٦.
(٤) سورة آل عمران ٤٧.