للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وترك الاعتداد بها، من حيث ثبتت الألف فى «أب» ألا ترى أنّ الألف لا تثبت فى هذا الاسم إلاّ فى الإضافة (١)، نحو: رأيت أباك وأبا زيد، فلولا أنه فى تقدير الإضافة إلى الكاف، فى «لا أبا لك» لم تثبت الألف، وكذلك حكم اللام، فى قولك:

لا غلامى (٢) لك، ولا غلامى لزيد، فالاعتداد بها، من حيث منعت «غلامين» التعرّف بالإضافة إلى المعرفة، وترك الاعتداد بها، من حيث حذفت نون «غلامين»، فلو لم يقدّروا إضافتهما لما حذفت النّون.

وممّا حذفت منه اللام قولهم: شكرت لزيد، ونصحت له، هذا هو الأصل فيهما، لأن التنزيل جاء به، فى قوله جلّ اسمه: {وَاُشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ} (٣) وقوله: {أَنِ اُشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ} (٤) وقوله: {وَأَنْصَحُ لَكُمْ} (٥) و {إِذا نَصَحُوا لِلّهِ وَرَسُولِهِ} (٦) وجاء حذفها فى كلامهم نظما ونثرا، فمن النّظم قول النابغة (٧):

نصحت بنى عوف فلم يتقبّلوا ... رسولى ولم تنجح لديهم وسائلى

/وقول آخر:

سأشكر عمرا إن تراخت منيّتى ... أيادى لم تمنن وإن هى جلّت (٨)

نصب «أيادى» بتقدير حذف الخافض، أراد: على أياد، فلما حذف


(١) قال أبو جعفر النحاس: «ولولا أن اللام زائدة لكان: لا أب لك؛ لأن الألف إنما ثبتت مع الإضافة، والخبر محذوف، والمعنى: لا أبا لك موجود أو بالحضرة» شرح القصائد التسع ص ٣٥٢. وانظر الكتاب ٢/ ٢٧٦، واللامات ص ٩٩.
(٢) انظر ما يأتى فى المجلس التاسع والأربعين.
(٣) سورة البقرة ١٥٢.
(٤) سورة لقمان ١٤.
(٥) سورة الأعراف ٦٢.
(٦) سورة التوبة ٩١.
(٧) ديوانه ص ٦٧، ومعانى القرآن ١/ ٩٢، وإصلاح المنطق ص ٢٨١، وأدب الكاتب ص ٤٢٤، وتفسير الطبرى ٣/ ٢١٢، واللسان (نصح).
(٨) ينسب لأبى الأسود الدؤلى، ولعبد الله بن الزّبير-بفتح الزاى-الأسدىّ، وينسب لغيرهما. انظر ملحق ديوان الأول ص ١٠١، والثانى ص ١٤١، وفى هذا تخريج البيت مستقصى.