للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرقوا الكلام على الحذف، على أبواب النحو المختلفة، كحذف المبتدأ والخبر، وحذف المفعول والحال والتمييز والصلة والعطف والموصوف والصفة، ثم حذف الأدوات. وقلّ من رأيناه أفرد للحذف بابا، نعم وقف ابن هشام بعض الباب الخامس من «المغنى» على الكلام على الحذف: شروطه وأنواعه وأمثلته، لكنه عالج أيضا مسائل من الحذف، فى مباحث الكتاب المختلفة، شأنه شأن النحاة السابقين واللاحقين.

هذا وقد حدّد ابن هشام مجال البحث النحوى فى الحذف، فقال (١):

«الحذف الذى يلزم النحوىّ النّظر فيه هو ما اقتضته الصناعة، وذلك بأن يجد خبرا بدون مبتدأ أو بالعكس، أو شرطا بدون جزاء أو بالعكس، أو معطوفا بدون معطوف عليه، أو معمولا بدون عامل، نحو: {لَيَقُولُنَّ اللهُ} ونحو: {قالُوا خَيْراً}، ونحو: «خير عافاك الله»، وأما قولهم فى نحو {سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ}:

إن التقدير: والبرد، ونحو: {وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ}: إن التقدير: ولم تعبّدنى، ففضول فى فن النحو، وإنما ذلك للمفسر، وكذا قولهم:

يحذف الفاعل لعظمته، وحقارة المفعول، أو بالعكس، أو للجهل به، أو للخوف عليه أو منه، ونحو ذلك، فإنه تطفل منهم على صناعة البيان».

والبحث النحوىّ يتناول حذف الجملة والمفرد والحرف والحركة (٢)، وهذان الأخيران مما اختص بهما علم الصرف.

وقد أفسح ابن الشجرى «أماليه» لكل أنواع هذه الحذوف، ثم تناول أيضا تلك الحذوف التى أشار ابن هشام إلى أنها من علمى التفسير والبيان. ذكر ابن الشجرى كل ذلك وضرب له الأمثال من الكتاب العزيز، ومن كلام العرب وأشعارها، ثم اعتنى عناية خاصة بذكر حذوف القرآن الكريم، ويقول فى ذلك (٣):

«فحذوف القرآن كثيرة عجيبة».


(١) المغنى ص ٧٢٤.
(٢) الخصائص ٢/ ٣٦٠، والأشباه والنظائر ١/ ٢٨.
(٣) المجلس الثالث والعشرون.

<<  <  ج: ص:  >  >>