للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وابن الشجرى يشترط ما اشترطه غيره من ضرورة قيام دليل على المحذوف، قال (١): «إن حذف المضاف فى كلام العرب وأشعارها، وفى الكتاب العزيز أكثر من أن يحصى، وأحسنه ما دل عليه معنى أو قرينة أو نظير أو قياس» ثم مثل لهذه الدلالات.

وقد عالج ابن الشجرى ضروب الحذف فى ثنايا كثير من مجالسه (٢)، قصدا أو استطرادا، ثم أفرد لها سبعة عشر مجلسا، بدءا من منتصف المجلس التاسع والثلاثين، استغرقت مائة وخمسين ورقة من مخطوطة الأمالى التى اتخذتها أصلا، وهو قدر كبير يصلح أن يكون كتابا مستقلا، وقد تكلم فى هذه المجالس على الحذوف الواقعة بالأسماء المفردة والجمل والأفعال والحروف، وهذه المباحث تكاد تستغرق أبواب النحو كلها، وفى كلام ابن الشجرى عن الحذف فى الحروف، أراد حروف المعانى، كاللام ومن والباء وعلى وإلى، مما بحروف الجر، ثم الحروف التى هى من بنية الكلمة، وحذف هذه الحروف الأخيرة يعالج فى أبواب الصرف كالإعلال والإبدال والقلب والنقل.

وإفراد ابن الشجرى هذه المجالس المتتابعة لدراسة الحذوف مفيد فى ميدان الدراسات النحوية والصرفية، إذ كان ذلك مغنيا عن تلمّس ظاهرة الحذوف فى أبواب النحو المختلفة، حيث تأتى أمثلة الحذوف مفرقة بحسب ترتيب أبواب النحو، وبخاصة فى الكتب التعليمية المتأخرة، ابتداء من القرن السابع، على يد شراح ابن مالك.

وابن الشجرى يمثل أحيانا لظهور المحذوف الذى يقدره، فى شاهد آخر، فقد قال (٣) فى أدلة الحذوف: «ودلالة النظير مع القياس والقرينة، كقوله سبحانه:

{هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ} أراد: هل يسمعون دعاءكم، كما قال فى الأخرى:

{إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ} ودلالة القياس على هذا المحذوف أنك لا تقول:


(١) المجلس الثامن، وانظر أيضا المجلس السابع والثلاثين.
(٢) انظر مثلا المجالس: الأول والرابع والخامس والسابع والتاسع والسادس والثلاثين والثامن والستين.
(٣) المجلس الثامن.

<<  <  ج: ص:  >  >>