للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: كيف يصحّ إسناد الإعلام إلى الهمّ؟

قيل: هذا مجاز، وحقيقة المعنى: علمت بما غلب على فؤادى من الهمّ أنك حقّ باللّوم منّى.

ثم نعود إلى ما نحن بصدده، من ذكر حذف الحروف، التى من أنفس الكلم، وقد تقدّم ذكر الواو التى هى فاء، وحذفها على ضربين بعوض، وبغير عوض، فالمحذوفة بغير عوض، هى المحذوفة في «يعد» وبابه، والمحذوفة بعوض على ضروب، الضّرب الأول: المحذوفة من المصدر المكسور أوّله، مصدر باب «يعد» نحو: العدة والزّنة والثّقة، فأصل هذا الضرب: وعد، ووزن، ووثق، /فأعلّوه بحذف فائه، لأمرين: أحدهما استثقال الكسرة فى الواو، والثانى: أنّ هذه الواو قد أعلّت بالحذف فى الفعل، والمصدر تابع للفعل فى صحّته واعتلاله، والمصدر الأصليّ فى هذا الباب هو الفعل، نحو: الوعد والوزن، والفعل أصل فى المصادر الثلاثية، نحو الضّرب والقتل والمشى والسّعى والغزو والعدو، ألا ترى أنهم إذا أرادوا المرّة الواحدة، جاءوا بها على فعلة، كقولك: خرجت خرجة، ودخلت دخلة، ولا يقولون: خروجة ولا دخولة، فلما خرج المصدر بكسر أوّله عن أصله، سرى إليه الإعلال من فعله، ولمّا أرادوا حذف واوه، نقلوا كسرتها إلى ما بعدها، ثم أسقطوها وهى ساكنة، لئلاّ يسقطوا حرفا وحركة، وفعلوا ذلك أيضا لتدلّ حركة المحذوف عليه، ولما أسقطوها عوّضوا منها تاء التأنيث، كما عوّضوا تاء

العين المحذوفة، من مصدر أفعلت المعتلّ العين، نحو: أقمت وأجبت واعنت وأغثت، لمّا حذفوا العين من أفعلت، وهى واو أقومت وأجوبت وأعونت وأغوثت، حذفوها من مصدره، وكان أصله: إفعال، إقوام وإجواب وإعوان وإغواث، فألقوا


= للعاذلة: كفّى واتركى عذلى، فقد أرانى لومك أبلغ تأثيرا وأشدّ علىّ، همّ مقيم على فؤاد راحل، ذاهب مع الحبيب، وذلك أن المحزون لا يطيق استماع الملام، فهو يقول: لومك أوجع فى هذه الحالة، فكفى ودعي اللوم».