للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وقالوا) معناه: وقال بعضهم-يعنى اليهود-كونوا هودا، وتقدير الواو والجملتين: وقال بعضهم: كونوا نصارى، فقام قوله: (أو نصارى) مقام هذا الكلام، وهذا يدلك على شرف هذا الحرف».

وقد حكى ابن هشام (١) تقدير ابن الشجرى هذا، ونسبه إلى التعسّف.

ولما كان الحذف خلاف الأصل-كما ذكرت فى صدر هذا البحث-فإن ابن الشجرى يضعّفه ما لم تدع إليه ضرورة فنية، وما لم يدلّ عليه دليل، ويقوّى الأوجه الخالية من الحذف، وقد ذكرته فى الفقرة التاسعة من آرائه الإعرابية. وقد حكى اختلاف النحاة فى قول دريد بن الصمة:

لقد كذبتك عينك فاكذبنها ... فإن جزعا وإن إجمال صبر

فقال (٢): قال سيبويه: فهذا على «إما» ولا يكون على «إن» التى للشرط، لأنها لو كانت للشرط لاحتيج إلى جواب، لأن جواب «إن» إذا ألحقتها الفاء لا يكون إلا بعدها، فإن لم تلحقها فقلت: أكرمك إن زرتنى، سدّ ما تقدم على حرف الشرط مسد الجواب. . . وقال غير سيبويه: هو على «إن» التى للشرط، والجواب محذوف، فكأنه قال: إن كان شأنك جزعا شقيت به، وإن كان إجمال صبر سعدت به.

قال ابن الشجرى: وقول سيبويه هو القول المعوّل عليه، لأنه غير مفتقر إلى هذا الحذف، الذى هو حذف كان ومرفوعها، وحذف جوابين لا دليل عليهما.

وقد ضعّف ابن الشجرى بعض الحذوف، فقال فى حذف الموصوف (٣):

«وكذلك لا يجوز: مررت بالطويل زيد، على أن تجعل الطويل صفة لزيد، ولكن إن أردت: مررت بالرجل الطويل، فحذفت الموصوف، وأبدلت زيدا من الصفة، جاز على قبح، لأن حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه، مما شدّد فيه سيبويه، وإن


(١) المغنى ص ٦٩.
(٢) المجلس التاسع والسبعون.
(٣) المجلس السابع والعشرون.

<<  <  ج: ص:  >  >>