للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والعلّ: الشّرب (١) الأوّل، والنّهل: الشّرب الثانى.

وقوله «لا يكتنون» أى لا يقول أحدهم مفتخرا عند شرب إبله الأوّل وشربها الثانى: أنا أبو فلان، أراد أنهم ليسوا برعاء يسقون الإبل، وإنما يكتنى ويرتجز على الدّلو السّقاة والرّعاء.

وقد قيل فيه قولان آخران، أحدهما (٢) [أنهم] يسامحون شريبهم، ويؤثرونه بالسّقى قبل أموالهم (٣)، ولا يصولون عليه فيكتنون، وهذا من كرمهم.

والقول الآخر: أنهم ذوو عزّ ومنعة، فإذا وردت إبلهم ماء أفرج الناس لها عنه، لأنها/قد عرفت، فلا حاجة لأربابها إلى الاكتناء لتعرف.

وقال بعض أهل العلم باللغة، فى قوله: «يكتنون» إنه من قولهم: كتنت يده تكتن، إذا خشنت (٤) [من العمل] فقال: ليسوا بأهل مهنة فتكتن أيديهم وتخشن من العمل، بل لهم عبيد يكفونهم ذلك (٥)، فوزن يكتنون فى هذا القول:

يفعلون، وفى القول الأول: يفتعون، وأصله يكتنيون، يفتعلون من الكنية، فحذفت ضمّة يائه، ثم حذفت الياء لسكونها وسكون الواو، ثم أبدلت الكسرة قبل الواو ضمّة، لئلا تنقلب الواو ياء.


(١) هكذا فى النسختين. والذى فى كتب اللغة أن «النهل» الشّرب الأول، و «العلل» الشرب الثانى، ومن أقوالهم: سقاه عللا بعد نهل.
(٢) ساقط من هـ‍. وهو فى أمالى المرتضى.
(٣) المراد الإبل. قال ابن الأثير: «المال فى الأصل: ما يملك من الذهب والفضة، ثم أطلق على كلّ ما يقتنى ويملك من الأعيان، وأكثر ما يطلق المال عند العرب على الإبل؛ لأنها كانت أكثر أموالهم». النهاية ٤/ ٣٧٣.
(٤) ساقط من هـ‍، وهو فى أمالى المرتضى.
(٥) بهامش الأصل حاشية: «كأنّ هذا سهو؛ لأن خشونة اليد وصلابتها من العمل، يقال له: الكنب، بالنون والباء، كنبت يده وأكنبت، فأما «كتنت» بالتاء والنون فمعناه الوسخ والدّرن، يتلطخ به الشىء، وهو أثر الدخان».