للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: «صدء السّرابيل» السّرابيل: اسم يقع على الدّروع وعلى القمص بذلك جاء التنزيل فى قوله تعالى: {وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ} (١) وفى هذا الكلام حذف عاطف ومعطوف، إذ التقدير: تقيكم الحرّ والبرد (٢).

ووصفهم بأن دروعهم صدء، لكثرة حملهم السلاح ولبسهم له، وصدء:

جمع أصدأ، كأحمر وحمر.

وقوله: «لا توكا مقانبهم» معناه: لا تشدّ أوعيتهم التى يكون فيها الزاد، واحدها مقنب، كنى بذلك عن إطعامهم الزاد، أى إنهم إذا سافروا لا تشدّ أوعية زادهم، بل يبذلونه لمصاحبيهم.

وقوله: «عجر البطون» من صفة المقانب، والعجر: جمع أعجر، وهو الضّخم، وانتصاب قوله: «عجر البطون» على الحال، وهو من باب: حسن الوجه، أى لا تشدّ أوعية زادهم ضخاما بطونها، أى لا تشدّ وهى مملوءة.

وقوله: «توكا» من الوكاء، وهو السّير الذى يشدّ به رأس القربة، والخيط الذى يشدّ به رأس الجراب ونحوه، وشبّه رسول الله صلّى الله عليه وسلم، العينين فى اليقظة بالوكاء، فى قوله: «العينان وكاء السّه، فإذا نامت العينان استطلق الوكاء (٣)» السّه والاست بمعنى (٤)، أراد


(١) سورة النحل ٨١.
(٢) ابن الشجرىّ، رحمه الله، مولع بذكر الحذوف فى القرآن الكريم، ولم أجد فيما بين يدىّ من كتب، من ذكر أن فى الآية حذفا، كلّ ما قالوه أنه سبحانه وتعالى لم يذكر «البرد» إمّا لأن الوقاية من الحرّ أهمّ عندهم، وقلّما يهمّهم البرد لكونه يسيرا محتملا، أو أن ما يقى من الحرّ يقى من البرد، فدلّ ذكر الحرّ على البرد. معانى القرآن للفراء ٢/ ١١٢، وللزجاج ٣/ ٢١٥، والكشاف ٢/ ٤٢٣، وزاد المسير ٤/ ٤٧٨، والبحر ٥/ ٥٢٤.
(٣) الحديث بهذا اللفظ فى مسند أحمد ٤/ ٩٧ (من حديث معاوية رضى الله عنه) وسنن الدارمىّ ١/ ١٨٤ (باب الوضوء من النوم)، وحلية الأولياء.٥/ ١٥٤، ونصب الراية ١/ ٤٦، وغريب الحديث لأبى عبيد ٣/ ٨١.
(٤) فى هـ‍: بمعنى واحد.