للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أولها؛ لأنهم لو جمعوها جمع الأسماء المؤنّثة لقالوا: أرضات (١)، ففتحوا الراء، كما قالوا: جفنات.

وأما قولهم فى جمع حرّة: إحرّون؛ فلأنّ المضاعف يعتلّ، ألا ترى أنهم يفرّون من التضعيف إلى إبدال أحد حرفيه ياء، كقولهم فى تظنّنت وتسرّرت:

تظنّيت وتسرّيت، ويخفّفونه فى القوافى كقول طرفة (٢):

ففداء لبنى قيس على ... ما أصاب الناس من سرّ وضرّ

ما أقلّت قدمي إنّهم ... نعم الساعون في الأمر المبرّ

وشبيه بذلك قولهم: امرؤ وامرأة، ألحقوهما همزة الوصل، وإنما تلحق همزة الوصل عوضا من محذوف (٣)، وجاز ذلك فيهما من غير أن يلحقهما حذف؛ لأن الهمزة يلحقها التخفيف، بجعلها بين بين، وبالإبدال منها ساكنة ومتحرّكة، فالساكنة كهمزة كأس وبئر ولؤم، والمتحركة كهمزة جؤن وذئب، جمع جؤنة وذئبة، ويلحقها الحذف لازما وجائزا، فاللازم حذفها من نرى وترى وأخواتهما، إذا قلت: نرى، وترى، والجائز حذفها للتخفيف، فى نحو كم بلك؟ ومن خوك؟ تريد: كم إبلك؟ ومن أخوك؟

فلمّا تعاورها التّليين والإبدال والحذف/تنزّل الاسم الذى هي فيه منزلة الاسم الذى دخله الحذف، فعوّض همزة الوصل.

ومن قال من العرب: إحرّون، فقوله أقيس من قول من قال: حرّون؛ لأنه


(١) سرّ صناعة الإعراب ص ٦١٣،٦١٤،٦١٦.
(٢) ديوانه ص ٧٢، وتخريجه فى ص ٢٢٢، وسيعيده ابن الشجرى فى المجلس المتم الستّين. والمبرّ: اسم فاعل من أبرّ فلان على أصحابه: أى غلبهم، أى هم نعم السّاعون فى الأمر الغالب الذى عجز الناس عن دفعه. وفى الديوان رواية أخرى، فانظرها هناك.
(٣) نحو ابن واسم واست، فقد حذفت اللام من الثلاثة، وأصلها: بنو، وسمو، وسته. راجع سر صناعة الإعراب ص ١١٥، والمنصف ١/ ٥٨.