للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للجزم، فقالوا: لا تبال، كقولك: لا ترام، ثم اختصروه لكثرة استعماله، فجزموه جزما ثانيا بإسكان لامه، فسقطت ألفه لالتقاء الساكنين، وقالوا فيه أيضا: لم أبله (١)، كان/قياسه أوّلا: لم أبال، كقولك: لم أرام، فحذفوا كسرة اللام، كما حذفوا ضمّة الإعراب فى نحو أجاب وأعان، فانحذفت الألف لما سكنت اللام، فصار: لم أبل، كقولك: لم أجب، ولم أعن، ثم ألحقوه فى الوقف عليه هاء السّكت، فوجب تحريك لامه؛ لسكونها وسكون الهاء، فحرّكوها بالكسر، لأنه الأصل فى حركة التقاء الساكنين، ولم يردّوا ألف «أبالى» فيقولوا: لم أبا له؛ لأن حركة التقاء الساكنين لا اعتداد بها، من حيث كانت عارضة تزول إذا زال التقاء الساكنين، والحركة العارضة لا يردّ لها المحذوف، ألا ترى أنهم لم يردّوا ألف رمى فى قولهم: رمت المرأة، مع تحرك التاء التى أوجب سكونها حذف الألف، وذلك لما ذكرناه من كون هذه الحركة لا اعتداد بها، لأنك تقول: رمت مرأة، فتزول الكسرة.

وقد اعترض فى دخول هاء السكت فى لم أبله، على اللام وهى ساكنة، وهاء السكت لا تدخل إلاّ على متحرّك لتبيّن حركته، كقولهم فى عمّ ولم: عمّه ولمه وفى كتابى وحسابى: كتابيه وحسابيه، وفى قولهم: اسع وادن: اسعه وادنه، وتدخل على الألف، لأن الألف لخفائها تشبه الحركة، وذلك فى النّدبة.

والجواب عن هذا الاعتراض: أن لام «أبالى» مكسورة كسرا أصليّا، كما ترى، والجازم أوجب حذف الياء منه وحدها، كحذفها فى لم أرام، فحذف الكسرة بعد حذف الياء حذف بغير استحقاق؛ لأنّ علم الجزم فى «أبالى» إنما هو حذف يائه، ولمّا حذفوا الياء ثم أتبعوها الكسرة، كان ذلك جزما بغير جزم، فالجزم


= والأزهية ص ١٧٧، وفقه اللغة للثعالبى ص ٣١٨، ثم انظر حواشى كتاب الشعر ص ٢٠١. وكلام ابن الشجرى فى جملته منتزع من كلام أبى على.
(١) حكاه الخليل. الكتاب ٤/ ٤٠٥.