أحاديثها، والزيادة من الثقة مقبولة، ولأنَّ السفر موطن المشقة؛ سواء كان نازلاً أو سائراً؛ لأنَّ الرخصة تعم، وما جعلت إلاَّ للتسهيل والتيسير.
وأما مذهب أبي حنيفة في الجمع الصوري: فلا تنصره السنن الصحيحة.
* فوائد:
الفائدة الأولى: ما ذكره المؤلف في الجمع هو عذر السفر، وهناك أعذار أخر تبيح الجمع منها: المطر؛ فقد روى البخاري (٥٤٣): "أنَّ النبَّيَّ -صلى الله عليه وسلم- جمع بين المغرب والعشاء، في ليلة مطيرة".
وَخُصَّ الجمع هنا بين المغرب والعشاء، دون الظهر والعصر، وجوزه جماعة من العلماء.
ومنها: المرض؛ فقد روى مسلم (٧٠٥): "أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- جمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، من غير خوف ولا مطر ولا سفر".
وقد ثبت جواز الجمع للمستحاضة، وهو نوع مرض.
وقد جوز الجمع -لهذه الأعذار وأمثالها- مالكٌ وأحمد، وإسحاق، والحسن، وقال به جماعة من الشافعية؛ منهم الخطابي والنووي.
الفائدة الثانية: اختلف العلماء في السفر الذي يباح فيه الجمع:
فمذهب الشافعي وأحمد: يومان قاصدان، يعني: ستة عشر فرسخاً، وذلك يقارب (٧٧) كيلو متر.
أما مذهب الظاهرية وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم والموفق في "المغني"-: فقد ذهبوا إلى أنَّ كل ما يعد سفراً يباح فيه الجمع، ولا يقدر بمسافة معينة، وأنَّ ما يروى من التحديدات ليس بثابت.
الفائدة الثالثة: جمهور العلماء يَرَوْنَ أَنَّ ترك الجمع أفضل من الجمع، إلاَّ في جمعي عرفة ومزدلفة؛ لما في ذلك من المصلحة فيهما، بخلاف القصر، فإنَّه سنة، وفعله أفضل من تركه.