للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التجلي.

واختلفوا: هل تصلى في أوقات النهي، أو لا؟

فذهب الجمهور إلى: أنَّها لا تصلى فيها؛ لعموم أحاديث النهي عن الصلاة في هذه الأوقات.

وذهب الشافعية إلى: أنَّها تصلى، وخصوا النهي في هذه الأوقات بالنفل المطلق، أما الصلوات ذوات الأسباب؛ كصلاة الكسوف، وتحية المسجد فلا تدخل في النهي، فهي مخصصة بالأحاديث الآمرة بتلك الصلوات، وجواز فعل الصلوات ذوات الأسباب في أوقات النهي.

وهو رواية قوية عن الإمام أحمد، اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية، وجماعة من أصحابنا، مخصِّصين أحاديث النهي العامة بأحاديث ذوات الأسباب المبيحة، وبهذا تجتمع الأدلة، ويمكن العمل بها جميعًا.

واختلف العلماء بالجهر أو الإسرار في صلاة الكسوف:

فذهب الأئمة الثلاثة إلى؛ أنَّها صلاة سِرية، لا يجهر فيها؛ لما روى أحمد (٣٢٦٨)، وأبو يعلى (٥/ ١٣٠) عن ابن عباس قال: "صليت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلم أسمع منه حرفًا من القراءة"، ولأنَّها صلاة نهارية، والأصل فيها الإخفاء.

وذهب الحنابلة إلى: أنَّها صلاة جهرية؛ سواء كانت في الليل أو في النهار، لما في البخاري (١٠٤٦) ومسلم (٩٠١) عن عائشة قالت: "جهر النبي -صلى الله عليه وسلم- في صلاة الكسوف في قراءته".

أما الحديث الذي استدلَّ به الجمهور-: فهو ضعيف، ففيه: عبد الله بن لهيعة، وقد تُكلم فيه، ولا يقاوم حديث الصحيحين، ولأنَّها صلاة جامعة، كصلاة الجمعة والعيدين.

وعلى فرض صلاحيته للاحتجاج به، فيُحمل على أنَّه كان بعيدًا، فلم

<<  <  ج: ص:  >  >>