للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (٢٩) وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (٣٠)} [النساء]، ولما جاء البخاري (٦١٠٥)، ومسلم (١١٠) عن ثابت بن الضحاك قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من قتل نفسه بشيء، عُذِّب به يوم القيامة".

وفي صحيح البخاري (٣٠٧٤): "أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال عن الرجل الذي آلمته الجراح، فقتل نفسه، فقال -صلى الله عليه وسلم-: هو من أهل النار".

ثانيًا: إنَّ من قتل نفسه فليس بمؤمن؛ لأنَّ صفة المؤمن إنَّ أصابته سرَّاء شكر، وإن أصابته ضرَّاء صبر.

ثالثًا: إنَّ هذا دليل على- الجُبْن والسلبية، وعدم التحمل، ومجابهة الأمور ومعالجتها، والخروج منها، والتغلب عليها.

رابعًا: إنَّ هذا دليل على ضعف العقل، وضعف الإيمان؛ ذلك أنَّه يريد بالموت الراحة مما هو فيه، وهو بقتله نفسه، انتقل من عذاب نفسي إلى عذاب أعظم مما هو في الحياة؛ كالمستجير من الرمضاء بالنار، نسأل الله السلامة.

قال الأستاذ أحد عساف في كتابه: "الحلال والحرام": وخلاصة القول: إنَّ الانتحار وَهنٌ في الإرادة، وضررٌ في العزيمة، وضعفٌ في الإيمان؛ لذلك كان جزاء فاعله النار.

فعلى المؤمن أن يصبر على البلاء مهما اشتد به؛ فإنَّ مع العسر يسرًا، ولكل شدَّة فرج، وعذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة.

خامسًا: أشار النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المعنى الذي من أجله ينهى عن تمني الموت، وهو انقطاع الأعمال الصالحة بالموت، ففي الحياة زيادة الأجور بزيادة الأعمال، ولو لم يكن إلاَّ استمرار الإيمان، فأي عمل أعظم منه، ولذا جاء في البخاري عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قال: "لا يتمنين أحدكم الموت: إما محسناً، فلعله يزداد، وإما مسيئًا، فلعله أن يستعتب".

<<  <  ج: ص:  >  >>