وبهذا يندفع إعلال ابن منده للحديث، ويصبح الحديث صحيحًا بتصحيح هؤلاء الأئمة له، والله أعلم.
* مفردات الحديث:
- الهِرَّة: بكسر الهاء وتشديد الرَّاء، آخره تاء مربوطة، هي الأنثى من القطط، جنسٌ من الفصيلة السِّنَّوْرية.
- بنجس: بفتح الجيم، وفيها لغاتٌ: ضد الطاهر، وصف بالمصدر يستوي فيه المذكر والمؤنث، وجمعه أنجاس.
- إنَّما:"إنَّ" من أدوات التأكيد دخلت عليها "ما" فكفتها عن العمل، ولكن مجموع الحرفين أفاد الحصر.
- الطَّوافين: جمع طوَّاف، وهو مَنْ يكثر الطواف والجولان، وهو الخادم.
قال ابن الأثير: الطائف الذي يخدمك برفقٍ وعناية، شبَّهها بالخادم الذي يطوف على مخدومه ويدور حوله. وقد جُمِعَ جمع المذكَّر السَّالم مع أنَّه ليس بعاقل؛ وذلك تنزيلاً له منزلة من يعقل، حيث وصف بصفة الخادم.
* ما يُؤْخذ من الحديث:
١ - أنَّ الهرَّة ليست بنجس؛ فلا ينجس ما لامسته أو ولغت فيه.
٢ - العلَّة في ذلك أنَّها من الطوافين، وهم الخدم الذين يقومون بخدمة المخدوم، فهي مع النَّاس في منازلهم وعند أوانيهم وأمتعتهم، فلا يمكنهم التحرز منها.
٣ - هذا الحديث وأمثاله من أدلَّة القاعدة الكلية الكبرى، وهي:"المشقَّة تجلب التيسير"؛ فعموم البلوى بها جعل ما تلامسه الهرَّة طاهرًا وإنْ كان رطبًا.
٤ - يقاس على الهرَّة كل ما شابهها من الحيوانات المحرَّمة، ولكنَّها أليفة تدعو الحاجة إلى استعمالها؛ كالبغل والحمار، أو لا يمكن التحرز منه؛ كالفأر.