٥ - أنَّ فقهاء الحنابلة وغيرهم جعلوا كل ما كان بقدر خلقة الهِرَّة، أو أصغر منها من الحيوانات المحرَّمة، والطير المحرمة: في حكمها من حيثُ الطهارةُ، وجوازُ الملامسة والمباشرة؛ فطهارة هذه الحيوانات وأمثالها أمرٌ غير حل أكله بالذكاة، وإنَّما المراد طهارة البدن وما أصاب ولامس، ولكن الرَّاجح تقييده بما تعم به البلوى من الحيوانات المحرَّمة، سواءٌ كان كبير الخلقة أو صغيرها؛ لأنَّه مناط العلَّة بقوله:"إنَّها من الطوافين عليكم".
٦ - قوله:"إنَّها ليست بنجس" دليلٌ على طهارة جميع أعضاء الهِرَّة وبدنها، وهو أصح من قول من قصر طهارتها على سؤرها وما تناولته بفمها، وجعل بقية أجزائها نجسة؛ فإنَّ هذا خلاف ما يفهم من الحديث، وخلاف ما يُفْهَمُ من التعليل، وهو قوله:"من الطوافين عليكم"؛ فالطَّوَّافُ من شأنه أنْ يباشر الأشياء بجميع بدنه وأعضائه.
٧ - قال ابن عبد البر: في الحديث دليل على أنَّ ما أُبِيحَ لنا اتخاذه فسؤره طاهرٌ؛ لأنَّه من الطوافين علينا، ومعنى الطوافين علينا الذين يداخلوننا ويخالطوننا.
٨ - مفهوم الحديث: يفيد مشروعية اجتناب الأشياء النجسة، وإذا دعت الحاجة أو الضرورة إلى ملامستها، فيجب التنزه منها؛ وذلك كالاستنجاء باليد اليسرى، وإزالة الأنجاس والأقذار بها.