٨ - ثم حذَّره من أن يستغل نفوذه وسلطته؛ فيظلم أصحاب الأموال، فقال: أحذِّرك أن تأخذ للزكاة كرائم الأموال وجيدها، فإنَّه لا يجب عليهم إلاَّ النَّوع الوسط، الذي لا ظلم فيه على الغني، ولا هضم في حق الفقير.
٩ - ثم بيَّن له أنَّ دعاء المظلوم مستجاب؛ لأنَّ الله تعالى ينتصر للمظلوم، وينتقم له من ظالمه.
١٠ - وقد زوَّده -صلى الله عليه وسلم- بنصيحة غالية، وهي إخباره بانَّه يقدم على أناس علماء من أهل كتاب، فليتَّخذ العُدَّة بالعلم الواسع، حتى إذا ألقَوا عليه المسائل والشُّبه وجادلوه، قابلهم بعلمٍ صحيحٍ، وأدلةٍ مقنعةٍ، وحجةٍ ظاهرةٍ.
أما الجاهل الذي لا يعرف دفع الشُّبَه ورد الباطل، فإنَّه يكون نقصًا على دينه، وحجةً عليه، لا له.
١١ - وبمثل هذا التوجيه الحكيم ينبغي للمسئولين أن يوجِّهوا الدعاة، ويزودوهم بالعلم النافع، والتوجيه الحسن؛ ليعطوا عن الإسلام صورة حسنةً، وسُمعة طيبة، والله ولي التوفيق.
١٢ - هذا الحديث لم يذكر فيه من أركان الإسلام الخمسة إلاَّ ثلاثة، مع أنَّها مفروضة وقت بعث معاذ.
وأحسن جواب: هو أنَّ النَّبىَّ -صلى الله عليه وسلم- أراد من معاذ أن يتدرج بهم في تعاليم الإسلام، ويأخذهم بها شيئًا فشيئًا، فالثلاثة المذكورة حان وقتها، وقت بعثه إليهم، والاثنان الباقيان لم يأتِ وقت أدائهما، فإنَّ النَّبىَّ -صلى الله عليه وسلم- بعث معاذًا في ربيع الآخر من سنة عشر، كما جاء في "فتح الباري" عن ابن مسعود.