للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الرواية الأخرى: فإنَّه يجوز دفعها إليهم، نقل هذه الرواية الجماعة عن الإمام أحمد، قال في "المغني" و"الشرح الكبير": هي الأظهر، واختارها شيخ الإسلام، فعلى هذه الرواية لو دفع زكاته إلى قريبه، فاستغنى بها، لم تلزمه نفقته لاستغنائه بها.

الثامنة: قال ابن القيم: من الحيل الباطلة دفع زكاته إلى غريمه المفلس؛ ليطالبه بالوفاء، فإذا وفاه برىء، وسقطت الزكاة عن الدافع.

قال: وهذه الحيلة باطلة محرَّمة؛ سواء شرط عليه الوفاء، أو ملكه إيَّاه بنية أن يستوفيه عن دينه، فكل هذا لا يسقط عنه الزكاة، ولا يعد مخرجًا لها، لا شرعًا ولا عرفًا، كما لو أسقط دينه وحَسبه من الزكاة.

التاسعة: جاء في البخاري (٢٨٠٩)، ومسلم (١٦٢٥)؛ أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال لعمر: "لا تَعُدْ فِي صَدَقَتِك، ولا تشتره، وإن أعطاكه بدرهم؛ فإنَّ العائد في صدقته كالعائد في قيئه".

لذا حرم جمهور العلماء العود فيها، وفساد البيع في شرائها.

قال ابن القيم: الصواب المنع من شرائها؛ فإنَّ في تجويز ذلك ذريعة إلى التحيل على الفقير، بأن يدفع له صدقة ماله، ثم يشتريها منه بأقل من قيمتها.

فمن محاسن الشريعة سد هذه الذريعة، فإن رجعت بإرث ونحوه جاز تملكها، لما روى مسلم (١١٤٩): أنَّ امرأةً قالتْ لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- كنتُ تصدقت على أمي بوليدة، وإنها ماتت وتركتها، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "وجب أجرك، ورجعت إليك في الميراث".

العاشرة: قال الشيخ: الذي عليه دين لا يعطيه ليستوفى دينه.

وقال في إسقاط الدين عن المعسر: أما عن زكاة العين فلا يجزىء بلا نزاع، وأما قدر زكاة دينه، ففيه قولان: أظهرهما الجواز؛ لأنَّ الزكاة دين، وهنا قد أخرج من جنس ما يملك، بخلاف ما إذا كان ماله عينًا، وأخرج دينًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>