وإنما سمى الله الأصناف الثمانية؛ إعلامًا منه أنَّ الصدقة لا تخرج من هذه الأصناف إلى غيرها، لا إيجاب قسمتها بين الأصناف الثمانية، والصواب أنَّ الله جعل الصدقة في معنيين:
أحدهما: سد خلة المسلمين.
الثاني: معونة الإسلام وتقويته.
السادسة: قال الشيخ عثمان بن قائد النجدي: أهل الزكاة قسمان:
أحدهما: يأخذ الزكاة بسبب يستقر الأخذ به، وهو الفقر والمسكنة والعمالة والتأليف، فمن أخذ شيئًا بذلك مَلَكه، وصرفه فيما يشاء، كسائر أمواله، والآية الكريمة عبرت عن هؤلاء، "باللام" المفيدة للملك.
الثاني: يأخذ الزكاة بسبب لا يستقر به الملك، وهي الكتابة، والغرم، والغزو، وابن السبيل، ومن أخذها من هؤلاء، صرفه في الجهة التي استحقَّ الأخذ بها، وإلاَّ استُرجع منه، والآية عبرت عن هؤلاء بـ"في" التي لا تفيد الملك، وإنما تفيد أن ينفق مما أخذ بقدر حاجته، ويعيد ما زاد عنها.
السابعة: لا يجوز دفع الزكاة إلى عمودي نَسَبهِ، وهم أصوله وفروعه؛ سواء كانوا مِن قِبل الآباء أو الأمهات، وسواء كانوا من قبل البَنين أو البنات، الوارث منهم، وغير الوارث سواء، ما لم يكونوا عمالاً، أَو مؤلفين، أو غزاة، أو غارمين لإصلاح البين، فإنَّه يجزىء دفعها إليهم؛ لأنَّهم يأخذون للمصلحة العامة فأشبهوا الأجانب.
أما بقية أقارب المزكي: فمن ورَثهم المزكي فلا يدفع إليهم زكاته، ومن لم يرثهم فيجوز أن يدفع زكاته إليهم، والفرق بين من يرثهم وبين من لا يرثهم، أنَّ من يرثهم تجب عليه نفقتهم، فإذا دفع إليهم زكاته وفَّر على نفسه النفقة، وأما من لا يرثهم فلا تجب عليه نفقتهم، هذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد.