نهي عن صيامه، فيكره صيامه، وأما إن حال دون مطلع الهلال تلك الليلة غيمٌ، أو غبارٌ، أو دخانٌ، أو نحو ذلك -فيجب صيامه حكمًا ظنيًّا احتياطيًّا.
وذكر أصحابنا -أنَّ هذا هو قول عمر، وابنه عبد الله، وعائشة وأسماء بنتي أبي بكر، وأنس، وأبي هريرة، ومعاوية، وعمرو بن العاص، ومن التابعين ميمون بن مهران، وطاووس، ومجاهد.
واستدلوا على ذلك: بما رواه أبو داود (٢٣٢٠) عن ابن عمرة أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَال:"إنَّما الشهر تسع وعشرون، فلا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غمَّ عليه فاقدروا له" ومعنى "اقدروا له"، أي: ضيِّقوا، من قوله تعالى:{وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ}[الطلاق: ٧] أي ضيق.
قال في "الإنصاف": وهو المذهب عند الأصحاب، ونصروه، وصنَّفوا فيه التصانيف، وردوا حجج المخالف، وقالوا: نصوص أحمد تدل عليه، وهو من مفردات المذهب.
وذهب الأئمة الثلاثة وجمهور العلماء إلى: أنَّ اليوم الذي ليس في منظر هلاله ما يمنع الرؤية لا يسمى يوم شك، وإنما يوم الشك هو ليلة الثلاثين من شعبان إذا حال دون رؤية الهلال ما يمنع الرؤية من سحابٍ، أو ضبابٍ، أو قتامٍ، أو دخانٍ، أو نحوها، فهذا هو يوم الشك المنهي عن صيامه في حديث عمَّار وغيره.
قال الترمذي: والعمل على هذا عند أهل العلم من الصحابة والتابعين، وبه قال سفيان الثوري، وابن المبارك، وإسحاق.
قال في "المغني": إنَّ المنع من صومه وعدم إجزائه إذا تبيَّن أنَّه رمضان -هو رواية عن الإمام أحمد، وقول أكثر أهل العلم، منهم أبو حنيفة ومالك والشافعي وأتباعهم.
وقال شيخ الإسلام: إذا حال دون منظره ليلة الثلاثين حائل، فهو يوم