اختلف العلماء في حكم الصيام ليلة الثلاثين من شعبان: إذا حال دون منظر الهلال غيمٌ، أو قترٌ، ونحو ذلك:
فذهب الإمام أحمد في المشهور عنه إلى: وجوب الصيام.
قال في "الإنصاف": وهو المذهب عند الأصحاب، ونصروه، وصنَّفوا فيه التصانيف، وردوا حُجَجَ المخالف، ونصوص أحمد تدل عليه، وهو من المفردات.
واستدلوا: بما في البخاري (١٩٠٠)، ومسلم (١٠٨٠) من حديث ابن عمر ة أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال:"إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غمَّ عليكم فاقدروا له"، وفسَّروا "اقدروا له"؛ أي: ضيِّقوا على شعبان، فاجعلوه تسعة وعشرين يومًا.
وذهب الأئمة الثلاثة إلى: عدم مشروعية صيام ذلك اليوم، واعتباره هو يوم الشك المنهي عنه؛ بما رواه أبو داود (٢٣٣٤) والترمذي (٦٨٦) من حديث عمَّار قال: "من صام اليوم الذي يشك فيه، فقد عصى أبا القاسم -صلى الله عليه وسلم-".
وهو رواية عن الإمام أحمد، قال في "المغني": وعن أحمد: لا يجب صيامه، ولا يجزئه عن رمضان إن صامه، وهو قول أكثر أهل العلم.
قال شيخ الإسلام: عدم صيامه هو مذهب أحمد المنصوص عليه، والأصل عدم الوجوب في كلام الإمام أحمد.
وقال الشيخ أيضًا: صوم يوم الشك تقدمٌ لرمضان بيوم، وقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عنه، وأصول الشريعة أدل على هذا القول منها على غيره، فإنَّ المشكوك في وجوبه لا يجب فعله، بل المستحب تركه.
وقال الشيخ: لو قيل بجواز الأمرين واستحباب الفطر، لكان أولى.
قال في "الفروع": لم أجد عن أحمد أنَّه صرَّح بالوجوب، ولا أمر به،