للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا عبرة باتفاق المطالع واختلافها.

وذهب الإمام الشافعي، وجماعة من السلف إلى القول بالحكم باختلاف المطالع، وقالوا: إنَّ الخطاب في الحديث نسبي؛ فإنَّ الأمر بالصوم والفطر موجه إلى من وُجد عندهم الهلال، أما من لم يوجد عندهم هلال، فإنَّ الخطاب لا يتناولهم إلاَّ حين يوجد عندهم، وهذا قول له اعتبار من حيث الدليل النقلي، والنظر الفلكي.

قال شيخ الإسلام: تختلف المطالع باتفاق أهل المعرفة، فإن اتَّفقت لزم الصوم، وإلاَّ فلا، وهو القول الأصح للشافعية، وقول في مذهب أحمد.

وقال الشيخ نجيب المطيعي: القول بعدم اعتبار اختلاف المطالع يخالف المعقول والمنقول، أما مخالفته للمعقول فلِمَا علم من مخالفته لما هو ثابت بالضرورة من اختلاف الأوقات، وأما مخالفته للمنقول فلأنَّه مخالف لحديث كريب في صحيح مسلم.

قال كريب: قدمتُ الشام، فرأيتُ الهلال ليلة الجمعة، ثم عدتُ إلى المدينة في آخر الشهر، فسألني ابنُ عباس متى رأيتم الهلال، فقلتُ: ليلة الجمعة وصاموا، فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه، هكذا أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-[رواه مسلم (١٠٨٧) والترمذي (٦٩٣) وقال: العمل على هذا الحديث عند أهل العلم].

قال مؤلف كتاب الزلال: اعلم يقينًا أنَّ القول الصحيح الذي انفصل عليه المحققون من علماء الأثر، وأهل النظر، وعلماء الهيئة، هو أن ينظر بين الرؤية وغيرها، فإن كان بينهما: ألفان ومئتان وستة وعشرون (٢٢٢٦) كيلاً فأقل، صار الحكم واحدًا في الصوم والفطر لاتحاد المطالع.

وإن كان أكثر من ذلك فلا يصح، وصار لكل بلد حُكمه لاختلاف مطالعها؛ سواء كان البعد شرقًا، أو غربًا، أو شمالاً، أو جنوبًا، تحت ولاية

<<  <  ج: ص:  >  >>