للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الواجب بأصل الشرع، والواجب بالنذر.

كما استدلوا: بحديث ابن عباس الذي في البخاري (١٩٥٣)، ومسلم (١١٤٨)، قال: "جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، إنَّ أمي ماتت وعليها صوم شهر، أفاقضيه عنها؟ فقال: نعم، دين الله أحق أن يقضى".

وأما المفصلون: فيرون أنَّ حديث الباب وحديث ابن عباس خاصان بالنذر، ونصر هذا القول ابن القيم، وقال: لا يصم أحد عن أحد، مراده في الفرض، وأما النذر فيصام عنه، وبهذا يظهر الاتفاق بين الروايات، وزاد ابن القيم بقوله: النذر ليس واجبًا بأصل الشرع، وإنما أوجبه الإنسان على نفسه، فصار بمنزلة الدين الذي استدانه.

وسر الفرق بينهما: أنَّ النذر هو التزام المكلف بما شغل به ذمته، لا أنَّ الشرع ألزمه به ابتداءً، فهو أخف حكمَا مما أوجبه الشارع أصلًا، شاء أم أبى، والذمة تسع المقدور عليه، والمعجوز عنه، بخلاف واجبات الشرع الأصلية، فهي على قدر طاقة الإنسان.

والراجح أنَّ الحديث عامٌّ في الواجب بأصل الشرع، والواجب بالنذر.

والأحاديث والآثار المعارضة لهذا الحديث لا تقاوم هذا الحديث، ولا تصلح لمعارضته.

وتوجد النصوص الصحيحة الكثيرة من السنة تسند معنى هذا الحديث، فقد قالت المرأة الخثعمية للنبي -صلى الله عليه وسلم-: "إذن أحج عن أبي، فقال: نعم" [رواه البخاري (١٤١٧)، ومسلم (٢٣٧٥)،، ومثلها المرأة الجهنية لما قالت: "إنَّ أمي نذرت أن تحج حتى ماتت، أفأحج عنها؟ فقال: نعم، حجي عنها، اقضوا الله؛ فالله أحق بالوفاء" [رواه البخاري (٦٧٧١) ومسلم (١٩٣٩) وأفتى سعد ابن عبادة: أن يتصدق عن أمه لما ماتت، ولم تتصدق، ومن نيتها أن تتصدق، وهذه أحاديث في الصحيحين.

<<  <  ج: ص:  >  >>