قال ابن عبد البر: وهذا كله يدل على أنَّ قيام رمضان جائز أن يضاف إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- لحضِّه عليه، وعمله به، وإنَّ عمر -رضي الله عنه- إنَّما أحيا منه ما قد سنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وقال العراقي في "طرح التثريب": استدلَّ بحديث عائشة على أنَّ الأفضل في قيام رمضان أن يفعل في المسجد في جماعة؛ لكونه -صلى الله عليه وسلم- فعل ذلك، وإنما تركه لمعنى قد أمِنَ بوفاته عليه الصلاة والسلام، وهو خشية الافتراض.
وهذا مذهب جمهور علماء المسلمين، ومنهم الأئمة الثلاثة: أبو حنيفة والشافعي وأحمد، وصار من الشعائر الظاهرة.
* عدد الركعات:
قال العراقي: لم تبين في هذا الحديث -رضي الله عنها- عدد الركعات التي صلاها النبي -صلى الله عليه وسلم- تلك الليالي في المسجد، وقد قالت عائشة -رضي الله عنها-: "ما زاد النبي -صلى الله عليه وسلم- في رمضان، ولا غيره على إحدى عشرة ركعة" [رواه البخاري (١٥٧٩)]، فالظاهر أنَّه كذلك فعل في هذا المحل.
لكن عمر -رضي الله عنه- لما جمع الناس على صلاة التراويح في شهر رمضان، مقتدين بأُبي بن كعب، صلَّى بهم عشرين ركعة غير الوتر، وهو ثلاث ركعات، وبهذا أخذ الأئمة: أبو حنيفة، والشافعي، وأحمد، والثوري، والجمهور.
قال ابن عبد البر: هو قول جمهور العلماء، وهو الاختيار عندنا، وعدوا ما وقع في زمن عمر -رضي الله عنه- كالإجماع.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إنَّ نفس قيام رمضان لم يؤقِّت فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- عددًا معينًا، بل كان هو لا يزيد على ثلاث عشرة ركعة، لكن يطيل الركعات، فلما جمعهم عمر -رضي الله عنه- على أُبي بن كعب، صلَّى بهم عشرين ركعة،