وهي ليلة تُقدَّر فيها الأشياء، وتقضي فيها الأمور التي ستكون في السنة، قال تعالى: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (٤) أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا} [الدخان: ٤، ٥].
ففيها يفصل الأمر المقدر من اللوح المحفوظ إلى الكتبة، في كل ما هو كائن من أمر الله تعالى في تلك السنة، من الأرزاق، والآجال، والخير، والشر، وغير ذلك، من كل أمر حكيم، أحكمه الله وأتقنه.
قال الطيبي: إنما جاء "القدر" بسكون الدال، وإن كان الشائع بالفتح، ليعلم أنَّه لم يرد به ذلك، فإنَّ القضاء قديم، وإنما أريد به ما جرى به القضاء وتببينه وتجديده في المدة التي بعدها إلى مثلها من القابل؛ ليحصل ما يلقى إليهم فيها مقدارًا بمقدار.
فهي ليلة عظيمة شريفة جليلة عند الله تعالى، لها مزايا عظيمة، نلخص فيما يلي بعضها:
أولًا: يُنزل الله تعالى فيها الملائكة من السماء إلى الأرض، وينزلون ومعهم الخير والبركة والرّحمة والأمان، ويتقدمهم الروح الأمين: جبريل عليه السلام.
ثانيًا: ابتدأ في هذه الليلة الشريفة نزول القرآن، الذي هو أعظم منَّة ورحمة على المسلمين.
ثالثًا: يحل فيها السلام والأمان، من أول تلك الليلة المباركة حتى الصباح، قال تعالى: {سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (٥)} [القدر].
رابعًا: تُقدَّر فيها الأمور للعام القابل، فتُفْصل تلك الأمور من الآجال، والأرزاق، والحوادث، وغير ذلك، تُفصل من اللوح المحفوظ، وتتلقاها الملائكة الكتبة، ليجري تنفيذها بأمر الله تعالى قال تعالى: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ