ذهب الحنفية والمالكية: إلى أنَّ المني نجس؛ واستدلوا على ذلك بأمور:
أوَّلاً: أحاديث غسله من ثوب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والغسل لا يكون إلاَّ من نجاسة.
ثانيًا: أنَّه يخرج من مجرى البول، فيتعيَّن غسله بالماء؛ كغيره من النجاسات.
ثالثًا: قياسه على غيره من فضلات البدن المستقذرة من البول والغائط؛ لأنَّها كلها متحللةٌ من الغذاء.
رابعًا: لا مانع أن يكون أصل الإنسان وهو المنيُّ نجسًا؛ إذ مَنْ مَنَع ذلك يقول بنجاسة العلقة؛ لأنَّها دم، وهو نجس، وهي أصلٌ للإنسان أيضًا.
خامسًا: ليس في أحاديث فرك المني دليلٌ على طهارته، فقد يجوز أنْ يكون الفرك هو المطهِّرَ للثوب، والمني في نفسه نجس؛ كما قد روي فيما أصاب النعل من الأذى، فطهورهما التراب، فكان ذلك التراب يجزىء من غسلهما، وليس في ذلك دليلٌ على طهارة الأذى في نفسه.
وأيضًا: لو كان المني طاهرًا، فلماذا أمر -صلى الله عليه وسلم- بفركه، فلو كان طاهرًا، لجازت الصلاة به دون فركه. انتهى ملخصًا من شرح معاني الآثار للطحاوي.
وذهب الإمام الشافعي وأحمد: إلى أنَّه طاهر ليس بنجس؛ وقالوا: إنَّه لا يزيد وساخة على المخاط والبصاق؛ واستدلوا على ذلك بأمور:
أوَّلاً: أحاديث فركه من ثوب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وحتِّه من دون غسل، وهذا أكبر دليل على طهارته، ولو كان نجسًا، لم يكف فيه ذلك.
ثانيًا: أنَّ هذا أصل خلق الإنسان الطاهر الذي كرَّمه الله، فكيف يكون أصله النجاسة؟! وأمَّا غسله بعض الأحيان من ثوبه -صلى الله عليه وسلم-، فلا يدل على النجاسة، وإنَّما لأجل النظافة، كما تزال البصقة والمخاط.