والذي اختاره هو أعلم الناس بمعناه، فيكون لهذا الدعاء مزايا القبول كلها.
٣ - الدعاء المذكور هو أفضل مسؤول من الله تعالى، فعفو الله عن عباده معناه الصفح عن الذنوب، ومحو السيئات، وترك المجازاة عن الهفوات الكبيرة والصغيرة، وليس بعد هذا إلاَّ الرضا عن المعفو عنه، وإحلاله دار كرامته، وهذا هو غاية المطلوب.
٤ - هذا الدعاء جَمَع آداب الدعاء، فقد ابتدىء بلفظ:"اللهمَّ"، وهي عوض عن "يا الله"، فالميم بدل من الياء.
وأصح الأقوال: أنَّ لفظ "الله" هو الاسم الأعظم، الذي إذا دُعِي الله به أجاب؛ لتضمنه معنى الإلهية والعبادة.
ثم إنَّ جملة "إنَّك عفو" فيها تأكيدات لإثبات صفة العفو لله تعالى.
"تحب العفو" فيه إثبات محبته اللائقة بجلال الله تعالى للعفو عن المستعين.
"فاعفُ عني" فيه إثبات حكم العفو، ومقتضاه لله تعالى.
ففي هذه الجمل التوسل إِلى الله بصفته المناسبة للمطلوب، ومحبته للعفو، وقربه منه بأن يعفو عن الداعي، فإذا صادف هذا الاسترحام والتذلل من قلب خاشعٍ، وفي ليلةٍ مباركةٍ، ومن عبدٍ مخلصٍ منيبٍ، فهو حري ألَّا يُرد، وأن يستجاب لصاحبه؛ لأنَّ قبول الدعاء له أسباب وآداب، هذه من أهمها.
٥ - من فقه عائشة -رضي الله عنها- أنَّها اختارت لهذا الوقت الفاضل الدعاء بأفضل مطلوب، حتى إذا حصلت الإجابة، وإذا الهبة والعطية جزلة.
٦ - وللنسائي من حديث أبي هريرة؛ أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "سلوا الله العفو،