للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومَن لم يكن معه هدي فليحلل"، فلم يكن معي هدي فحللتُ، وكان مع الزبير هدي فلم يحل.

وهذان الحديثان وأمثالهما مما جاء في هذا الباب أحكام عامة لجميع الأمة، ومن خصها بطائفة دون أخرى فعليه الدليل.

وأما أثر أبي ذر فرأي له، خالفه فيه غيره من الصحابة، وأما دعوى الجمهور النسخ بحديث بلال، فقال أحمد: لم يثبت عندي، ولا أقول به، وأحد رواة سنده الحارث بن بلال، لا يعرف.

وقال أيضًا: أرأيت لو عرف الحارث بن بلال فأين يقع من أحد عشر رجلًا من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، يرون ما يروه من الفسخ.

كما استدلَّ الإمام أحمد ورجال الحديث بما روي عن سراقة بن مالك أنَّه قال للنبي -صلى الله عليه وسلم-: هل هي لنا خاصة؟ فقال: "بل للأمة عامة" [رواه أحمد (١٥٢٩٢)].

وممن اختار الفسخ شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم، وقد أطال البحث في موضوعه في كتابه "زاد المعاد" ونصر مشروعية الفسخ ورد غيره، وقال: نحن نشهد الله تعالى علينا أنَّا لو أحرمنا بحج، لرأينا فرضا علينا فسخه إلى عمرة، فوالله ما نسخ هذا في حياته ولا بعده، ولا صحَّ حرف واحد يعارضه، ولا خصَّ به أصحابه دون من بعدهم، بل أجرى الله سبحانه على لسان سراقة بن مالك أن يسأله: هل هذا مختص بهم، فأجاب: "إنَّ ذلك كائن لأبد الأبد"، فما ندري ما يقدم على هذه الأحاديث والأمر المؤكد.

قال في عيون المسائل: لو قيل بوجوبه لم يبعد، واختار الوجوب ابن حزم، وقال هو قول ابن عباس، وعطاء، ومجاهد، وإسحاق.

وقال شيخ الإسلام: وقد تواترت الأحاديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنَّه أمر به أصحابه في حجة الوداع، لما طافوا بالبيت وسعوا بين الصفا والمروة.

<<  <  ج: ص:  >  >>