للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الهدي، من مفردٍ وقارنٍ.

فذهب الأئمة الثلاثة: أبو حنيفة ومالك والشافعي، وجمهور العلماء إلى أنَّه لا يشرع.

وذهب الإمام أحمد، وأصحابه، وأهل الحديث، والظاهرية إلى مشروعية الفسخ.

استدلَّ الجمهور بما رواه أبو داود (١٥٤٢) عن أبي ذر قال: "لم يكن ذلك إلاَّ للركب الذين كانوا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-"

وبما رواه أحمد (١٥٢٩٢) عن بلال بن الحارث قال: قلتُ: يا رسول الله فسخ الحج لنا خاصة أم للناس عامة؟ فقال: "بل لنا خاصة".

فهذا الحديث ناسخ لأحاديث الفسخ التي أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- فيها الصحابة أن يخالفوا عادة الجاهلية من تحريم العمرة في أشهر الحج، هذا دليل الجمهور.

أما الذين يرون الفسخ فعندهم فيه ثمانية عشر حديثًا صحاحًا جيادًا عن بضع عشرة من علماء الصحابة، كلها صريحة في فسخ الحج إلى عمرة لمن لم يسق الهدي، ولذا لما قال سلمة بن شبيب للإمام أحمد: يا أبا عبد الله! كلّ شيء منك حسن جميل، إلاَّ أنَّك تقول بفسخ الحج، فقال أحمد: كنت أرى لك عقلًا، عندي ثمانية عشرة حديثًا صحاحًا جيادًا، كلها في فسخ الحج، أتركها لقولك.

ومن تلك الأحاديث: ما رواه مسلم (١٢٤٧) عن أبي سعيد الخدري قال: "خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونحن نصرخ بالحج، فلما قدمنا أمرنا أن نجعلها عمرة إلاَّ من ساق الهدي، فلما كان يوم التروية ورحنا إلى منى أهللنا بالحج".

ومنها ما رواه مسلم (١٢٣٦) أيضًا عن أسماء بنت أبي بكر قالت: "خرجنا محرِمين، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ كان معه هدي فليُقِم على إحرامه،

<<  <  ج: ص:  >  >>