للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-صلى الله عليه وسلم- ردَّ الحمار الوحشي على المُهدِي، وبيَّن أنَّ سبب الرد هو الإحرام، وقد قال به جملة من الصحابة: منهم علي وابن عبَّاس، وابن عمر.

وذهب جمهور العلماء، ومنهم مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق إلى التوسط بين القولين، فما صاده الحلال لأجل المحرِم حرُم على المحرم فقط، وما لم يصد لأجله حلَّ له، وممن قال به من الصحابة عثمان بن عفان.

وهذا القول تجتمع به أدلة الفريقين، ويؤيده ما رواه الإمام أحمد (١٣٦٥) وأبو داود (١٥٧٧)، والترمذي (٨٤٦)، والنسائي (٢٧٧٨) عن جابر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "صيد البر حلال لكم، وأنتم حرم، ما لم تصيدوه، أو يُصد لَكم"

قال الترمذي عن هذا الحديث: "والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، لا يرون بالصيد للمحرم بأسًا إذا لم يصده، أو يُصد من أجله".

قال الشافعي: "هذا أحسن حديث روي في هذا الباب وأقيس، والعمل على هذا".

والحاصل: أنَّ ما صاده الحلال للمحرم من أجله فلا يجوز للمحرم أكله، وما لم يُصَد من أجله، بل صاده الحلال لنفسه أو لحلال، لم يحرم على المحرم أكله، وهذا قول الجمهور، قال ابن عبد البر: وعليه تصح الأحاديث، وإذا حملت لم تختلف، وعلى هذا يجب أن تحمل السنن، ولا يعارض بعضها بعضًا، ما وجد إلى استعمالها سبيل.

وقال ابن القيم: وآثار الصحابة في هذا الباب إنَّما تدل على هذا التفصيل، ولا تعارض بين أحاديثه -صلى الله عليه وسلم-.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>