للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمعنى هنا لولا مخافةُ أنْ أشق على أُمَّتي، لأمرتهم أمر إيجاب، وهي مركَّبة من "لو" الدَّالة على انتفاء الشيء لانتفاء غيره، و"لا" النَّافية؛ فدلَّ الحديث على انتفاء الأمر لثبوت المشقَّة، ولابُدَّ لها من جواب مذكور، أو مقدَّر إذا دلَّ عليه دليل، ولا تكثر اللَّام في جوابها.

- أنْ: مصدرية، هي وما دخلت عليه في محل رفع على الابتداء، والخبر محذوف، والتقدير: لولا مخافة المشقَّة على أمَّتي، ويجوز أنْ يكون مرفوعًا بفعلٍ محذوف، والتقدير: لولا خيفت المشقَّة.

- أشق: الشِّقُّ، بكسر الشين: الجهد والمشقَّة، {وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (٧)}.

- لأمرتهم: جواب لولا.

- بالسواك: بكسر السِّين، وفتح الواو، بعدها ألف، فكاف، أي: باستعمال السواك؛ لأنَّ السِّواك آلة، وسيأتي بيانه في موضعه، إِنْ شاء الله تعالى.

* ما يؤخذ من الحديث:

١ - تأكد استحباب السواك مع كلِّ وضوءٍ، وأنَّ ثوابه قريبٌ من ثواب الواجبات.

٢ - أنَّ السِّواك عند الوضوء وعند غيره من العبادات ليس بواجب، فقد منعه -صلى الله عليه وسلم- من إيجابه على أُمَّته مخافة مشقتهم.

٣ - أنَّ الذي منع الأمر بوجوبه هو خشية عدم القيام به، ممّا يترتَّب عليه الإثمُ بتركه.

٤ - هذا الحديث الشريف من أدلَّة القاعدة الكبرى: "المشقَّة تجلب التيسير"؛ فخشية المشقَّة سبب عدم فرضيته.

٥ - كثير من العبادات الفاضلة يترك النَّبي -صلى الله عليه وسلم- فعلها مع أمته، أو أَمْرَهُمْ بها، خشيةَ فرضها عليها؛ وذلك مثل صلاة الليل في رمضان جماعة، والسواك، وتأخير صلاة العشاء إلى وقتها الفاضل؛ كل ذلك شفقةً على أمته ورحمةً

<<  <  ج: ص:  >  >>