للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بهم وخوفًا عليهم، وهذا من خُلُقِهِ الكريم الذي وصفه الله تعالى بقوله: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (١٢٨)}

٦ - سعة هذه الشريعة وسماحتها، ومسايرتها للحالة البشرية الضعيفة؛ قال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ} وقال: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}.

٧ - هذا الحديث العظيم دليلٌ على القاعدة الشرعية، وهي: "درء المفاسد مقدَّمٌ على جلب المصالح"؛ فمفسدة الوقوع بالإثم من ترك الواجب، مَنَعَتْ من مصلحة وجوب السِّواك عند كل وضوء.

٨ - قال ابن دقيق العيد: السر أنا مأمورون في كلِّ حالةٍ من أحوال التقرُّب إلى الله عزَّ وجل، أنْ نكون في حالة كمال النظافة؛ لإظهار شرف العبادة.

وقيل: إن ذلك الأمر يتعلق بالمَلَكِ، فإنَّه يتأذى بالرائحة الكريهة.

قال الصنعاني: ولا يبعد أن السر مجموع الأمرين المذكورين؛ لما روى البخاري (٨٥٤)، ومسلم (٥٦٤) من حديث جابر مرفوعًا: "من أكل الثوم أو البصل أو الكراث، فلا يقربن مسجدنا؛ فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم".

٩ - فحوى الحديث يدل على تعيين وقت السواك في الوضوء، وعند المضمضة.

١٠ - المشهور من مذهب الإمام أحمد: أنَّه لا يجزىء في السِّواك إلاَّ استعمال العود، والرَّاجح: أنَّه يُجزىء بغيره من أصبع وخرقة وغيرهما؛ ولذا قال الموفق والنووي: يجزىء بأي شيءٍ يزيل التغير.

١١ - يدل الحديث على قاعدة أصولية، وهي: أن الأمر المطلق يفيد الوجوب، ووجهه: أنَّه لو كان الأمر يفيد الاستحباب، لما امتنع -صلى الله عليه وسلم- من أمرهم بالسواك؛ ولكن ما يقتضيه الأمر، وما يفهمه الصحابة والعلماء من الأمرِ المجرَّدِ عن قرينة صارفة، هو الوجوب، وهو الذي منعه من أمرهم بالسواك.

<<  <  ج: ص:  >  >>