١٢ - إذا تعارضت الأدلة الشرعية بين الوجوب والاستحباب، أو بين التحريم والكراهة، وليس هناك أصلٌ يُبنى عليه -فإنَّ طبيعة الشريعة السمحة ومنهجها بالتخفيف على العباد، وورود النصوص العامَّة فيها، تجعل الأخذ بأيسر القولَيْنِ وأبعدهما عن التحريم والوجوب أقرَبَ وأرجَحَ؛ فقد جاء في الصحيحين:"أنَّه -صلى الله عليه وسلم- ما خُيِّر بين أمرين إلاَّ اختار أيسرهما".
* خلاف العلماء:
عموم الحديث يفيد استحباب السِّواك كُلَّ وقت للصائم وغيره، أوَّل النَّهار وآخره، ولا يوجد دليلٌ يخصِّص هذا العموم بالفطر، إلاَّ قوله -صلى الله عليه وسلم-: "لخلوف فم الصائم عند الله أطيب من ريح المسك" [رواه البخاري (٥٩٢٧) ومسلم (١١٥١)]، وهذا ليس فيه صريح الدلالة، فإنَّ الخلوف ينشأ من خلو المعدة من الطعام، وليس من الفم.
وأمَّا حديث:"إذا صمتم، فاستاكوا في الغداة، ولا تستاكوا بالعشي" فضعيف، وهو معارَضٌ بالأحاديث التي منها ما رواه أحمد (١٥٢٥) والترمذي (٧٢١) وحسَّنه، وعلَّقه البخاري، من حديث كعب بن مالك، قال:"رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما لا أحصي يتسوَّك وهو صائم"، ولم يقيده بوقتٍ دون آخر.
وممَّن قال باستحباب السِّواك مطلقًا: الإمامان أبو حنيفة ومالك، واختاره الشيخ تقي الدِّين ابن تيمية، قال في الفروع: وهو أظهر.
أمّا من كرهه للصائم بعد الزوال: فهما الإمامان الشَّافعي وأحمد وأتباعهما وإسحاق، استدلالاً بحديث:"إذا صمتم فاستاكوا في الغداة، ولا تستاكوا في المساء"، ولكنَّه حديثٌ ضعيف كما تقدَّم. واستدلوا بحديثٍ صحيح وهو:"لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك"، ولكن لا دلالة فيه؛ لأنَّ السواك لا يزيل الخلوف؛ لأنَّ مصدره المعدة، وليس مصدره الفم.