قال الشيخ محمَّد بن إبراهيم آل الشيخ: وله الدفع من مزدلفة بعد نصف الليل، وبعض أهل العلم يأبى ذلك، ويقول: إنه ما جاء إلاَّ في حق الضعيف، فلا يكون مسوغًا لبقية الناس أن يدفعوا مثلهم، وهذا أحوط، وإلى هذا ذهب الشيخ، وابن القيم.
والليل الشرعي المعتبر من غياب الشمس إلى طلوع الفجر.
٤ - مكان الوقوف يكون في أي جزء من مزدلفة التي تقدم تحديدها، وأفضله عند المشعر الحرام، وهو الجبل الصغير الذي فيه المسجد لمن سهل عليه ذلك، أما من لم يسهل عليه، فالرفق بنفسه ورفقته أولى.
* خلاف العلماء:
اختلف العلماء في حكم المبيت بمزدلفة، ويراد بالمبيت بها الحصول فيها تلك الليلة.
فذهب الإمام أحمد إلى وجوبه إلى بعد منتصف الليل، على غير السقاة والرعاة، وإن لم يدركها إلاَّ بعد نصف الليل أجزأ، لأنَّ الحكم منوط بالنصف الأخير، وأما الشافعي: فالصحيح من مذهبه أنَّ الواجب جزء من النصف الثاني من الليل، وقال مالك: الواجب هو النزول بمزدلفة ليلاً قبل الفجر، بقدر ما يحط رحاله، وهو سائر من عرفة إلى منى.
وأما الأحناف: فالمبيت بمزدلفة عندهم سنة، والواجب عندهم هو الوقوف زمنًا بعد صلاة الصبح إلى طلوع الشمس.
وذهب قلة من العلماء منهم الشعبي، وعلقمة، والنَّخعي، وأبو بكر بن خزيمة إلى أنَّ من فاته الوقوف بمزدلفة فاته الحج.
وأقرب هذه الأقوال للصواب الذي هو هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في حجته القول الأول، ولا يخالفه شيء من الأدلة عند التامل، والله أعلم.