ولم ينقل أنَّه أمر الباقين بالقضاء، وفارق الفوات، لأنَّه مفرط بخلاف المحصر.
٧ - قال في الشرح الكبير: في وجوب القضاء روايتان:
إحداهما: تجب، سواء كان الفائت واجبًا، أو تطوعًا، وهي المذهب، وهو قول الأئمة الثلاثة عدا مالك، لما روى الدارقطني من حديث ابن عباس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من فاته عرفات فقد فاته الحج، فليتحلل بعمرة، وعليه القضاء" فهو بعمومه شمامل للفرض والنفل.
الرواية الثانية: لا قضاء عليه إن كان نفلاً، وأما الفرض فهو عليه بالوجوب الأول، وهو مذهب المالكية.
٨ - هل يلزم من فاته الحج دم، أم لا؟ المشهور من مذهب الإمام أحمد يلزمه صححه في المغني والشرح الكبير. قال في الإنصاف: وهو المذهب.
والرواية الأخرى: لا يلزمه، ورجحها جماعة من المحققين.
* خلاف العلماء:
اختلف العلماء بماذا يكون الحصر؟ والصحيح أنَّ كل مانع من إكمال النسك وكل حصر وجد، من عدوٍّ، أو مرضٍ، أو ضياع نفقةٍ، أو غير ذلك، فهو حصر؛ لعموم قوله تعالى:{فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}[البقرة: ١٩٦].
واختلف العلماء في وجوب الهدي على المحصر، فذهب جمهور العلماء إلى وجوبه، فإن لم يجد صام عشرة أيام، بنية التحلل، والصحيح عدم وجوبه وهو مذهب مالك، وإحدى الروايتين عن أحمد، فإنَّه لم يكن مع كل المحصرين الذين كانوا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- هدي، ولم يأمرهم، ولم يوجبه عليهم بل أمرهم بالتحلل مطلقًا.
واختلف العلماء في وجوب القضاء وعدمه، والراجح عدم وجوبه، ذلك أن الذين كانوا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في عمرة القضاء، أقل من الذين كانوا معه في عمرة الحديبية، فهو لم يأمرهم بالقضاء.