يتَّعاطاه أهل الجاهلية، من أنَّ الرجل يكون له الدَّين المؤجل على الآخر، فإذا حلَّ، قال صاحب الدين للمدين: إما أن تقضي ما عليك من الدين، أو تُرْبي، فإن أوفاه حقه، وإلاَّ زاد هذا في الأجل، وزاد الآخر الفائدة، حتى يتضاعف المال، فهذا الذي قال الله تعالى عنه:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً}[آل عمران: ١٣٠].
وكانت الطريقة المثلى هي إنظار المعسر، كما قال تعالى:{وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ}[البقرة: ٢٨٠].
فلما أمر الله تعالى بإنظار المعسر، وحرم الربا المضاعف عَدَل المحتالون المرابون إلى:"مسألة قلب الدين"، وذلك أنَّه إذا حلَّ الدين، ولم يقدر المدين على الوفاء أحضر طالب الدين دراهم، وأسلمها للمدين في طعام أو غيره في ذمته، ثم أوفاه بها في مجلس العقد.
قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي: وأشد أنواع الربا "قلب الدين" وهو من الكبائر.
والآن ظهر الربا مكشوفًا بفوائد البنوك، فالقرض الذي تقدمه البنوك لطالبه المحتاج، سواء كان قرضًا استثماريًا أو استهلاكيًا، ثم تؤخذ على قرضه مقابل التأجيل هي عين الربا الصريح، ففوائد الودائع البنكية التي ترتكز عليها البنوك، وهي أكبر مصدر دخْل مالي داخلة دائرة الربا المحرم؛ لأنَّها عين الربا.
وقد أجمعت المجامع الفقهية الإسلامية على أنَّ هذه الفوائد محرَّمة وأنَّها عين الربا بأنواعه الثلاثة: رِبا الفضل، ورِبا النسيئة، ورِبا القرض.
وهذه فقرات مما قالته بعض تلك المجامع الإسلامية:
قال مجلسى مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورته الثانية بجدة في ١٠/ ٦/ ١٤٠٦ هـ بعد أن عرضت عليه بحوث