الثاني: حَجْرٌ لَحظ نفسه، وهو الحجر على الصغير، والمجنون، والسفيه، والأصل فيه قوله تعالى:{وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ}[النساء: ٥].
والمؤلف هنا ذكر ما يشير إلى أحكام النوعين.
*حكمته:
والحَجر من محاسن الإسلام وعدالة أحكامه، ذلك أنَّ الرجل إذا أفلس وافتقر بعد غنًى اختلطت عليه أموره، فتصرف تصرفات فيها الحَيف والجَور، إذ ربما يوفي بعض غرمائه ويترك بعضهم، وقد يستولي أقوياء غرمائه على موجوداته ويستأثرون بها، ويتركون الضعفاء منهم، وربما أخفى أمواله، أو بعضها، وغير ذلك من التصرفات التي تضر بغرمائه أو بعضهم، ومن لطف الله تعالى بخلقه وبأصحاب الحقوق أن شَرَع الحَجر؛ ليمنع المفلس من التصرف في أمواله الموجودة، وجعل تصرفه فيها غير نافذة ليحفظ بذلك الحقوق، ويوزع المجودات توزيعاً عادلاً بين غرمائه بالنسبة لديونهم.
أما المفلس: فسلمت ذمته من المحاباة والإيثار، ورضي عنه جميع غرمائه، وانقطع عنه الطلب، وسَلِمَ من ملازمة الغرماء، والله حكيم عليم.