١٢ - وأما الشروط: فأخبر -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث: أنَّ المسلمين على شروطهم، إلاَّ شرطًا أحلَّ حرامًا، أو حرَّم حلالاً.
وهذا أصلٌ كبيرٌ من أصول المعاملات، والمعاهدات، والعقود، فإنَّ الشروط هي التي يشترطها أحد المتعاقدين على الآخر، مما له فيه حظٌّ ومصلحةٌ، فذلك جائزٌ ولازم، إذا اتَّفقَا عليه.
١٣ - من ذلك أن يشترط المشتري في المبيع وصفًا مقصودًا، كشرط البقرة لبوناً، أو الجارح صيوداً، أو الدابة هِمْلاَجَةً (أي حسنة السير في سرعة)، ممَّا فيه وصفٌ مقصود، فهو شرطٌ معتبرٌ لازمٌ نافذٌ.
١٤ - ومن ذلك أن يشترط المشتري أنَّ الثمن أو بعضه مؤجل بأجل مسمى، أو يشترط البائع نفعًا معلومًا في الثمن، كسكنى الدار المباعة سنةً ونحوه، أو شرط أن يستعمل السيارة المباعة مدةً معلومةً لعملٍ معلومٍ، فكلها شروطٌ جائزةٌ.
١٥ - ومن ذلك شروط مؤسسي الشركات والمشاريع، شروطًا معلومةً عادلةً، ليس فيها جهالةٌ، ولا ظلمٌ، ولا مخاطرةٌ، فهي لازمة.
١٦ - ومن ذلك شروط الواقفين والموصِين في أوقافهم ووصاياهم، من الشروط المعلومة المقصودة، التي لهم فيها نفع، فكلها شروط صحيحة لازمة.
١٧ - ومن ذلك شروط الزوجة على زوجها سكنى دارها، أو بلدها، أو نفقةً معينةً لها، أو شرطت عليه أولادها من غيره.
فقد جاء في الصحيحين من حديث عقبة بن عامر -رضي الله عنه- قال:"إنَّ أحق الشروط أن يوفى به ما استحلَّت به الفروج".
١٨ - أما الشروط المحرَّمة، كأن تشترط المرأة طلاق ضرتها فهو محرَّم؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تسأل المرأة طلاق أختها؛ لتكفأ ما في إنائها"[مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ].
وسيأتي هذا بأوضح منه في باب النكاح، إن شاء الله تعالى.