أو كسوة، أو مسكنٍ، أو عشرةٍ، ويدخل بينهما من يحسن الصلح، وينهي النزاع بينهما ويحسمه، كما قال تعالي:{فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ}[النساء: ١٢٨].
٨ - ومن ذلك الصلح عن القصاص في النفوس، أو الأطراف، أو منافع الأعضاء، حينما يتفقان عليه بمعاوضة بقدر الدية، أو أكثر، أو أقل، فالصلح جائزٌ ونافذٌ، قال تعالي:{فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ}[البقرة: ١٧٨].
٩ - فإن تضمن الصلح تحريم حلال، أو تحليل حرام، فهو فاسد بنص هذا الحديث، أو عُقِد الصلح على ظلم أحد الطرفين فهو حرام، لقوله تعالي: {فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٩)} [الحجرات].
١٠ - ومن الصلح المحرم الإكراه عليه، وذلك مثل أنْ يضيق على زوجته، ويعضلها ظلمًا؛ لتفتدي نفسها منه، فتعيد إليه ما دفعه من صَداقٍ، أو بعض ذلك الصداق، الذي استحل به الاستمتاع بها، فهذا ظلم وجَور، قال تعالى:{وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ}[النساء: ١٩] ثم قال تعالي: {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (٢١)} [النساء].
أما إذا كانت ظالمة كأن تقصر بحقوق الله من ترك الصلاة، أو الصيام، أو غير ذلك من شعائر الله، أو ارتاب منها ريبة تحفُّ بها القرائن القوية، أو كانت سيئة الخلق والعشرة معه، تمنعه أو تمطُله بحقوقه عليها، فلا مانع أن يعضلها لتفتدي منه، قال تعالى:{إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}[النساء: ١٩].
قال أبو قلابة: إذا زنت امرأة الرجل، فلا بأس أن يضارها حتى تفتدي منه.
وقال بعض المفسرين: الفاحشة البذاءة باللسان.
قلتُ: وهو عام لهذا كله، ولغيره من سوء حال المرأة مع ربها، أو مع زوجها.