للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أخاف في الله لومة لائم، وأن أنظر إلى من هو أسفل مني، وألاَّ أنظر إلى من أعلى مني، وأن أحب المساكين، وأن أدنو منهم، وأن أصِلَ رَحمي وإن قطعوني وجفوني، وألاَّ أسأل أحدًا شيئًا، وأن أستكثر من لا حول ولا قوَّة إلاَّ بالله، فإنَّها من كنوز الجنة".

فهذه وصايا نبوية كريمة، وكل فقرة منها لها أصل من الكتاب أو السنة، فجمعت في هذا الحديث.

٢ - الحديث فيه وجوب الإقرار بالحق، ولو لحق القائل المقر تبعات؛ لأنَّ في ذلك إظهارًا للحق، وإبراءً للذمة.

وقول الحق هذا شاملٌ لما على المقر نفسه، وشامل أيضًا لما على غيره من أداء الشهادة وإنكار المنكَر.

٣ - وفيه دلالة على قبول واعتبار قول القائل، وإقراره على نفسه في جميع الحقوق، فلو لم يكن لإقراره اعتبار ما أكَّد عليه بالإقرار به.

٤ - وهذا عامٌّ لجميع ما يجب الإقرار به من دم، أو حدٍّ، أو مال، أو أي حقٍّ من الحقوق، فهو إخبارٌ بما على النفس، ممَّا يلزمها التخلص منه.

٥ - ولكون الحق يصعب إجراؤه على النفس، وُصِف بالمرارة التي يُكره طعمها ويصعب استساغتها.

٦ - الإقرار حجَّةٌ قويةٌ؛ لأنَّ العاقل لا يقر على نفسه بما يضره، إلاَّ صادقًا، فإنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَبِل من ماعز والغامدية إقرارهما بالزنا، وعاملهما بموجبه في إقامة الحد عليهما، فلو لم يكن حجة لما أخذها به في الحد، الذي من أخص صفاته أنَّه يُدرأ بالشبهات.

٧ - الإقرار حجة قاصرة على نفس المقر دون غيره، فيقتصر إقراره عليه، ولا يؤخذ به غيره، لما روى الطبراني (١٠٧٠١) عن ابن عباس: "أنَّ رجلاً قال: يا رسول الله! أَقِم عليَّ الحد، فقد أتيتُ أمرًا حرامًا، فقال -صلى الله عليه وسلم-: انطلقوا به

<<  <  ج: ص:  >  >>